المسالك المؤدّية إلى النّار

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    16- الخلوة وسفر المرأة بدون محرم


    روى الإمام البخاري في صحيحه عن ابن عبّاس رضي الله عنهما ، أنَّه سمع النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقول : لا يَخْلُوَنَّ رجلٌ بامرأة ، ولا تُسافِرَنَّ امرأةٌ إلاَّ ومعها مَحْرَم . فقام رجلٌ فقال : يا رسولَ الله ، اكْتُتِبْتُ في غَزْوَة كذَا وكذَا وخرجَت امرأتي حاجَّةً ؟ قال : اذْهَبْ فَحُجَّ مع امرأتك . (الجامع الصّحيح المختصر - الجزء 3 - ص 1094 - رقم الحديث 2844) .

    وروى التّرمذي في سُنَنه عن عقبة بن عامر رضي الله عنه ، أنّ رسولَ الله صلّى الله عليه وسلّم قال : إيّاكُم والدُّخُول على النّساء . فقال رجلٌ من الأنصار : يا رسول الله : أَفَرَأَيْتَ الحمو (وهو أخو الزّوج) ؟ قال : الحمو الموت . (الجامع الصّحيح سنن التّرمذي - الجزء 3 - ص 474 - رقم الحديث 1171) .

    الحمو : الموت ، معناه أنّ الشَرَّ يُتَوقَّع منه أكثر من غيره ، لأنّه يَستطيع أن يَخلُو بِزَوجة أخيه دون أن يُنكِر عليه أحد ، بخلاف الأجنبي . وعادةُ النّاس التّساهل في الحمو ، لذلك وجبَ الاحتياط منه .

    وروى التّرمذي في سُنَنه عن ابن عمر رضي الله عنه قال : خَطَبَنا عمر بالجابية، فقال : يا أيّها النّاس ، إنّي قُمتُ فيكم كَمقام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فينا ، فقال : أُوصيكُم بأصحابي ، ثمّ الذين يَلُونَهم ثمّ الذين يَلُونَهم ، ثمّ يَفْشُو الكَذب حتّى يحلف الرّجُلُ ولا يستحلف ويشهد الشّاهد ولا يستشهد . ألاَ لا يَخْلُوَنَّ رجلٌ بامرأة إلاّ كان ثالثهما الشّيطان . عليكم بالجماعة ، وإيّاكم والفُرْقَة ، فإنّ الشّيطانَ مع الواحد، وهو من الاثنَيْن أَبْعَد ، مَن أراد بحبوحة الجنّة فيلزم الجماعة . مَن سَرَّتْهُ حَسَنَتُه وساءَتْهُ سيّئتُه فذلك المؤمن . (الجامع الصّحيح سنن التّرمذي - الجزء 4 - ص 465 - رقم الحديث 2165) .

    حرامٌ إذًا أن يختلي مسلِمٌ بفتاة أو امرأة من غير محارمه ، ولو كانت زوجة أخيه ، أو تختلي مسلمةٌ بفتى أو رجُل من غير محارمها ، ولو كان أخا زوجها ، في مكان لا يكونُ فيه غيرهما .

    والمَحْرَمَ بالنّسبة للفتاة أو المرأة : هو الرَّجلُ الذي لا يَسمحُ له الإسلام أن يَتزوَّج بها ، مثل أخيها أو أبيها أو عمّها أو خالِها .
    والمَحرَمُ بالنّسبة للشّابّ أو الرَّجل : هي المرأة التي لا يَسمحُ لها الإسلام أن تتزوَّج به ، مثل أخته أو أمّه أو عمَّته أو خالَته .

    لكن انتبه يا أخي ! فالأمّ والخالة والعمّة هُنَّ مَحارم بالنّسبة للولَد ، لأنّه لا يُسمح له بالزّواج منهنّ . لكنّ ابنة الخالة وابنة الخال وابنة العمّة وابنة العمّ لَسْنَ بِمَحارم بالنّسبة للولَد ، لأنّه يستطيع الزّواج منهنّ .

    كذلك ، الأب والخال والعمّ هم مَحارم بالنّسبة للبنت لأنّه لا يُسمح لها بالزّواج منهم . لكنّ ابن الخالة وابن الخال وابن العمّة وابن العمّ لَيسُوا بِمَحارم بالنّسبة للبنت ، لأنّها تستطيع الزّواج منهم .

    هذا بخصوص الخُلوة . أمّا بخصوص سفر المرأة ، فقد روى الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هُرَيْرة رضي الله عنه ، أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال : لا يَحِلُّ لامرأةٍ تُؤمِنُ بالله واليوم الآخر أن تُسافِرَ مَسِيرَةَ يَوم وليلَة، ليسَ معها حُرْمَة . (الجامع الصّحيح المختصر - الجزء 1 - ص 369 - رقم الحديث 1038) .

    وفي رواية للإمام مسلم في صحيحه عن أبي هُرَيْرة رضي الله عنه ، أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال : لا يَحِلُّ لامرأة مُسلمة تُسافِر مَسِيرَةَ ليلَة ، إلاَّ ومعها رجلٌ ذُو حُرمة منها . (صحيح مسلم - الجزء 2 - ص 977 - رقم الحديث 1339) .

    قال العلماء : لا يجوزُ للمرأة أو الفتاة أن تُسافر بدون مَحرم لها ، حتّى ولو كان السَّفر بالطَّائرة ويَستغرق بضع ساعات فقط ، لأنَّ الطَّائرة قد تتأخَّر في الإقلاع، وقد يَحصل لها عطب وما شابه ذلك، فتُصبحُ المرأة معرَّضة للمخاطر وهتك عرضها .

    طبعًا ، عند الضَّرورة ، كأن تكون المرأة مسافرة للعلاج ولَم تَجد محرمًا يُرافقها ، فعند ذلك تستطيع أن تُسافر لِوحدها أو مع رفقة آمنة .

    تعليق


    • #17
      17- حذار من التّدخين !




      لا شكّ أنّ تدخين السّجائر وشرب الشّيشة حرامٌ ، لِمَا في ذلك من إضرار بالصّحّة وإضاعة للمال . وقد أثبتَ الأطبّاء فعلاً أنّ التّدخين يُسبّب العديد من الأمراض ، أخطرها : سرطان الرّئة وأمراض القلب وجلطة الدّماغ .

      يروي الدّكتور فهد بن محمد الخضيري قصّة في هذا الباب بعنوان : زوجة مدخّن وأطفاله ، يقول ، مع تصرّف بسيط : هذه قصّة واقعيّة حدثتْ في أحد مستشفيات مدينة الرّياض ، عاصَرْتُها بنفسي : في صباح أحد الأيّام ، توجّهتُ إلى عملي في المستشفى ، وعندما وصلتُ بدأتُ أسير في الممرّات وأنا أُجيلُ النَّظَر على اليمين وعلى اليسار : هنا غرفة العمليّات ، وهنا غرفة العناية المركّزة ، وهنا ثلاّجة الموتى ، وهنا غُرف المرضى .. يا الله ! كيف يغفلُ الإنسان عن هذه الحقائق ؟! بل كيف يتجبّر ويطغى ويعصي ربّه وهو يعرفُ أنّه عُرضة للمرض والموت في كلّ لحظة ؟!

      وبينما أنا سارحٌ في هذه الخواطر ، فُوجِئْتُ بَصوتٍ يُنادي علَيَّ : يا دكتور .. يا دكتور .. من فضلك .. أرجوك ! التفَتُّ على يَميني ، فإذا امرأة شابّة مُحتَشِمَة ، تمسكُ بيدَي طفلَيْها ، الأوّل في الخامسة من عمره تقريبًا والآخر في حوالي الثّالثة . قالتْ لي بصوت حزين : أرجوك ساعدني ، أريدُ أن أدخلَ أنا وأطفالي إلى هذه الغرفة لِنَرى زوجي !

      نظرتُ إلى حيثُ أشارَتْ ، فإذا هي غرفة الإنعاش . قلتُ لها : ولماذا لم تدخُلي ؟ الزّيارة مفتوحة ! قالتْ : أخرجَنِي زميلُكَ قبل قليل . قلتُ : انتظِرِي. دخلتُ وسألتُ زميلي عن قصّة هذه المرأة ، فقال : يا أخي ، هذه المرأة المسكينة هي زوجة ذلك الشّابّ الذي يرقُدُ على السّرير رقم 7 ، وهو مُصابٌ بِسَرطان الرّئَة بسبب التّدخين ، وهو كما تَرى مربوطٌ إلى الأجهزة وينتظرُ قضاءَ الله وقدَره . وقد كانت زوجتُه وأطفاله هنا منذ دقائق ، ولكنّهم كانُوا يبكون ويصيحُون في مشهد يُقطّع القلب ، مِمَّا أثَّر في الشّابّ ، فتغيّرتْ ملامحُه واحمرّ وجهُه وارتفع ضغطُ دَمه وتسارعَتْ دقّاتُ قلبه ، فبدأَت الأجهزة بالتّصفير ، فخشيتُ عليه من الموت ، فأخْرَجْتُهم .

      اتَّجَهْتُ إلى الشّابّ أتأمَّل حالَه ، فإذا هو بين الحياة والموت ، والأجهزة تُحيطُ به من كلّ جانب . فقرّرتُ أن أساعد زوجته وأبناءه في الدّخول لرؤيته ، لكي يَملأوا أعيُنهم منه ، فلربّما لا يَرونه بعد ذلك . طلبتُ ذلك من زميلي فقال : موافق ، لكن بشرط أن تقف معهم وتُخرجهم إذا رأيتَ أنّ ذلك في مصلحة المريض .

      وافقتُ ، وناديتُ على المرأة المسكينة ، فدخلَتْ مع طفلَيْها . وما إن وقفتْ بجانب زوجها حتّى اغرَورَقَتْ عيناها بالدّموع وبدأتْ تُحاولُ جاهدةً إخفاءَ نَحيبها . أمّا الأطفال ، فقد أَكَبُّوا على أبيهم يبكُون ويقولون : أبي .. أبي .. لماذا أنتَ هنا ؟! لماذا لا تذهبُ معنا إلى البيت ؟! نريد أن نركب سيّارتنا معك وتحملنا إلى المكان الفلاني وإلى عمّتي فلانة ؟! رُدَّ علينا يا أبي ، ماذا بك ؟!
      التَفَتُّ إلى الأمّ ، فقالتْ لي باكية : مَتى سيخرجُ معنا يا دكتور ؟ مَتى ؟ أصبحَ البيتُ مُظْلِمًا بدونه .. لم يعُدْ لنا أيّ طعم للحياة .. أطفالي أصبحوا يَتَامَى .

      ابتعدتُ قليلاً وقلبي يتمزّقُ من الأسَى ، وأنا أحاولُ إخفاء دموعي وعَبَراتي . ثمّ نظرتُ إلى الأب ، فرأيتُه يُغالِبُ نَفْسَه جاهدًا لكي يَردَّ عليهم . ثمّ بدأَت الأجهزةُ الطّبيّة في التّصفير ، فأدركْتُ أنَّ خطرًا مَا سيحدث . فطلبتُ من الزّوجة أن تخرج، لكنّها لم تسمعني أو ربَّما لم تُرِد سَماعي. فحاولتُ تهدئةَ الأبناء ومسحتُ على رؤوسهم ، ثمّ قلت لهم : لِنَخْرج الآن ، لأنّ الطّبيب يُريد تقديم بعض العلاج لأبيكم .

      أخرجْتُهم بصعوبة ، وأنا أتخيّل الأب وهو يُغادر هذه الدّنيا ، وأتخيّل زوجتَه وقد ترمّلَتْ وأبناءه وقد تَيَتَّموا ، وأقول في نفسي : ليتَ كلّ مُدخّن يأخذ العبرة من هذه المأساة !

      (نقلاً ، مع تصرّف بسيط في سرد القصّة ، عن موقع طريق التّوبة www.twbh.com) .

      حذار إذًا يا بنيّ أن يستدرجكَ رفقاء السّوء إلى عادة التّدخين بدعوى أنّها تَجعلُ منك رجلاً ! فأنتَ بهذا تعرّض نفسك للموت البطيء ، وتُنفّر النّاسَ منك بسبب رائحة فمك الكريهة ، وتُضيع مالَك .

      أمّا أنتِ يا ابنتي ، فأظنّ أنّ حشمتكِ وعِفَّتكِ ورجاحة عقلك تمنعكِ من الانزلاق في هذا المنحدر !

      تعليق


      • #18
        18- حوار هادئ بين طفل صغير ومدخّن !


        يقول راوي القصّة : دخلتُ إلى مسجد في الرّياض ، وعندما كنتُ أؤدّي تحيّة المسجد أزعجَتني رائحة دخان قويّة قطَعَتْ علَيَّ خشوعي . وبعد أن سَلَّمتُ الْتَفَتُّ لِأَجد أحد الأخوة المصريّين ، وقد اسوَدَّتْ شَفَتاه من الدُّخان . فقلتُ في نفسي : أَنتظر إلى أن تنتهي الصّلاة ، ثمّ أُكلّمه وأَنصحه .

        لكنّي فُوجئتُ بطفل صغير لا يتجاوز التّاسعة من عُمره ، يدخلُ المسجد ويجلس بجانب ذلك الرّجل ، ودار بينهما الحوار التّالي :

        الطّفل : السّلام عليكم يا عمّي ، أنت من مصر ؟

        الرّجل : نعم ، أنا من مصر .

        الطّفل : تعرفُ الشّيخ عبد الحميد كشك ؟

        الرّجل : نعم ، أعرفه .

        الطّفل : والشّيخ جاد الحقّ ؟

        الرّجل : نعم ، أعرفه .

        الطّفل : والشّيخ محمّد الغزالي ؟

        الرّجل : نعم ، أعرفه .

        الطّفل : تسمع أشرطتهم وفتاواهم ؟

        الرّجل : نعم !

        الطّفل : كلّ هؤلاء العلماء والمشايخ يقولون أنّ الدُّخان حرام ، فلماذا تشربه ؟!

        الرّجل ، وقد بَدَا عليه الارتباك : لا ، الدّخان ليس حرامًا !

        الطّفل : بَلَى حرام ! أَلَم يقل الله تعالى : { وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ 157 } (7- الأعراف 157) ؟ هل إذا أردتَ أن تُدخّن تقول : بسم الله ، وإذا انتهيتَ تقول : الحمد لله ؟!

        الرّجل ، بعناد : لا ، أنا أريد آية تقول : ويُحرّم عليكم الدُّخان !

        الطّفل : يا عمّي ، الدُّخان حرام مثلَما أنّ التّفّاح حرام !

        الرّجل ، وقد غضب : التّفّاح حرام ؟! تُحلّل وتُحرّم على هواك ؟!

        الطّفل : إذًا ، هات لي آية تقول : ويُحلُّ لكُم التّفّاح !

        فسكَت الرّجُل ، ولَم يَجد أيّ ردّ !

        ثمّ أُقيمت الصّلاة ، وبعدها التفتَ الرّجلُ إلى الطّفل وقال : اسمع يا بُنيّ ، أقسم بالله العظيم لَن أشرب الدّخان مرّة أخرى في حياتي !

        تعليق


        • #19
          19- حيلة من امرأة ذكيّة لزوجها المدخّن !


          هي امرأة ابتُلِيَ زوجُها بالتّدخين ، وحاولَتْ معه بكلّ الطُّرُق لكي يُقلع عن هذه العادة السّيّئة ، فلَم تُفلِح . فقالت له يومًا : إنّ المالَ الذي تَصرفُه للسّجائر هو مِلْك العائلة ، وليس ملكك وحدك ! لذلك ، مقابل كلّ عُلبة تُدخّنها ، يجب أن تدفع ثمنها لي ولأبنائك . فإذا كان ثمن العُلبة خمسة ريالات مثلاً ، يجبُ أن تدفع لنا خمسة ريالات . فضحك الزّوج وقال : بل أدفع لكم عشرة ريالات يوميّا شرط أن تتركوني لحالي !

          مرّت أسابيع والزّوج يدفع عشرة ريالات كلّ يوم للعائلة مُقابل عُلبتَي السّجائر التي يُدخّنهما يوميّا ، دون أن ينقطع عن هذه العادة الخبيثة . فانتقلت الزّوجة الذّكيّة عند ذلك إلى الخُطوة الثّانية من الحيلة ، وهي : كلّما استلَمت العشرة ريالات من زوجها ، أحْرَقَتها أمام عينيه !

          فاحتجّ الزّوج على هذا التّصرّف واعتبرهُ تبذيرًا لِمال الأسرة الذي يتعبُ هو في تحصيله . فأجابتهُ زوجتُه بكلّ هدوء : أنت حرٌّ في النّقود التي تشتري بها سجائر ، ونحنُ أحرارٌ في النّقود التي تعطيها لنا مقابل ذلك . وإذا كنّا نحن نحرقُ عشرة ريالات يوميّا نقدًا ، فأنت تحرق مثلها يوميّا ، وتحرق كذلك صحّتك وتُضايق مَن حولك !

          عند ذلك ، لَم يستطع الزّوج إلاّ أن يُقبّل رأس زوجته ، ويُعاهدها على ترك هذا الدّاء الفتّاك منذ تلك اللّحظة !

          تعليق


          • #20
            20- حذار من اتّخاذ كلب في البيت !


            روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هُرَيْرة رضي الله عنه ، أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال : مَن اقْتَنَى كَلْبًا ، ليس بِكَلْبِ صَيْد ولا ماشِيَة ولا أرض ، فإنَّهُ ينقصُ مِن أجْره قِيراطان كلَّ يَوم ! (صحيح مسلم - الجزء 3 - ص 1203 - رقم الحديث 1575) .

            والقيراطُ وردَ في حديث آخر (عن ثواب اتّباع الجنازة) أنَّه بِحَجْم جَبل أُحُد ! فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هُرَيْرة رضي الله عنه ، أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال : مَن خرجَ مع جنازة منْ بَيْتها وصلَّى عليها ثمّ تَبعَها حتّى تُدفَن ، كان له قيراطان من الأجر ، كلُّ قيراط مثلَ أُحُد (أي مثل جبل أُحُد) . ومَن صلَّى عليها ثمّ رجعَ ، كان له من الأجر مثلَ أُحُد . (صحيح مسلم - الجزء 2 - ص 653 - رقم الحديث 945) .

            اتّخاذ كلب في البيت يُنقِص إذًا لصاحبه الكثير من الأجر .
            وهو أيضًا يَمنع دخول الملائكة : فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي طلحة رضي الله عنه ، أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال : لا تَدخلُ الملائكةُ بَيْتًا فيه كلبٌ ولا صُورة . (صحيح مسلم - الجزء 3 - ص 1665 - رقم الحديث 2106) .

            واختلف العلماء في مسألة اتّخاذ كلب لحراسة البيت من السَّرقة ، فقال البعضُ بأنّه لا يجوز لأنَّه يَخرج عن الثَّلاث دوافع المذكُورة في الحديث الأوّل : الصّيد وحراسة الماشية وحراسة الأرض ، وقال بعضٌ آخر بأنَّه يجوز . ولكنَّهم اتَّفقُوا جميعًا على أنَّ اقتناءَ الكلب حرامٌ إذا لم يكن لِمَصلحة وضرورة .

            ومعلومٌ أنَّ من مساوئ اتّخاذ كلب في البيت : أنّه يُخيفُ الضَّيْفَ ، ويُعرّض أصحابَه للإصابة بعدَّة أمراض بسبب لَعقه لهم بلسانه أو التَّمسُّح بهم أو الشُّرب من الأواني التي يشربون فيها أو الأكل من أيديهم .

            فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هُرَيْرة رضي الله عنه ، أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال : طهُورُ إناء أحدكُم إذا ولَغَ فيه الكلبُ : أن يَغْسِلَه سَبْعَ مرَّات ، أُولاهُنَّ بالتُّراب . (صحيح مسلم - الجزء 1 - ص 234 - رقم الحديث 279) .

            وقد أثبت العلم الحديثُ فعلاً أنّ الغسل بالماء لا يكفي لإزالة لُعاب الكلب من الإناء ، وإنَّما يَجبُ أيضًا دلكُ الإناء بالتُّراب .

            وعلى كلّ حال، فإنَّ أيَّ مسلم يُحبُّ اللهَ ورسولَه لا يَرضَى أن يَخسر يوميّا ضعفَ جبل أُحُد من الأجر، ويَمنع دخولَ الملائكة إلى بيته ، ويُعرّض نفسه للأمراض ، مِن أجل أن يتسلَّى بوجود كلب في منزله لا يَنفع لشيء !

            تعليق


            • #21
              21- احذار من التّصوير !


              روى الإمام مسلم في صحيحه عن سعيد بن أبي الحسن رضي الله عنه ، أنَّه قال : جاء رجلٌ إلى ابن عبّاس، فقال : إنّي رجلٌ أُصوّرُ هذه الصُّوَر ، فأَفْتِنِي فيها . فقال له : ادْنُ منّي ، فدَنَا منه ، ثمّ قال : ادْنُ منّي ، فدَنَا حتّى وضَعَ يَدهُ على رأسِه . قال : أُنَبّئُكَ بما سمعتُ من رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم . سمعتُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقولُ : كُلُّ مُصَوّرٍ في النَّار ، يُجعَلُ له بكلّ صورة صَوَّرَها نَفْسًا ، فتُعَذّبه في جهنَّم . وقال (أي ابن عبّاس للرَّجل) : إن كنتَ لا بُدَّ فاعِلاً ، فاصْنَع (أي فَصَوّر) الشَّجَر وما لا نَفْسَ له . (صحيح مسلم - الجزء 3 - ص 1670 - رقم الحديث 2110) .

              تصوير البَشَر إذًا والحيوانات أو صُنع تماثيل لهم : حرامٌ ، ويُعرّضُ المُصوّر للعذاب الشَّديد يوم القيامة . وكذلك تعليق مثل هذه الصُّور أو الاحتفاظ بها أو بتماثيل في البيت .

              بالنّسبة للتَّصوير بغرض استعمال الصُّوَر في الكتب المدرسيّة مثلاً ، فيُسْتَفْتَى في هذا أهلُ العلم .

              وقد أجاز بعضُ العلماء صُنعَ واستعمال لُعَب الأطفال ، استنادًا للحديث الذي رواه أبو داود في سُننه عن أبي سلمة بن عبد الرّحمن عن عائشة رضي الله عنهما ، أنَّها قالتْ : قدمَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم من غَزْوة تَبُوك أو خيبر ، وفي سهوتها سِتْرٌ . فَهَبَّتْ ريحٌ فَكَشَفَتْ ناحيَةَ السّتْر عن بنات لِعائشة ، لُعَب . فقال : ما هذا يا عائشة ؟ قالتْ : بَناتي . ورأى بَينهُنَّ فَرسًا له جناحان مِن رقاع ، فقال : ما هذا الذي أرى وَسَطَهُنّ ؟ قالتْ : فَرس ، قال : وما هذا الذي عليه ؟ قالتْ : جناحان ، قال : فَرسٌ له جناحان ؟! قالتْ : أما سمعتَ أنَّ لِسُلَيْمانَ خَيلاً لها أجنحة ؟! قالتْ : فضحِكَ حتّى رأيتُ نَواجِذَه . (سنن أبي داود - الجزء 4 - ص 283 - رقم الحديث 4932) .

              تعليق


              • #22
                22- حذار من مصائب الإنترنت !


                حذار ثمّ حذار ثمّ حذار يا ابنتي من الشّات أو الدّردشة أو المحادثات عن طريق الإنترنت . فهذه الوسائل ، حتّى ولو قلتِ أنّها لمجرّد التّسلية أو التّعارف ، إلاّ أنّها في أغلب الأحيان تُسبّب المصائب والنّكبات !

                فالمعروف أنّ كلّ طرف في المحادثة يختفي وراء اسم مستعار ، ويمكن أن يعطي معلومات خاطئة عن نفسه ، ويمكن أن يكون شابّا ويُقدّم نفسه على أنّه فتاة . وعادةً ما يبدأ الحديث في مواضيع عامّة ، ثمّ ينتقل إلى أمور أخصّ ، ثمّ يصف كلُّ طرف نفسَه للآخر ، ثمّ يقولان بأنّه لا بأس من تبادل أرقام الهاتف ، ثمّ الصُّوَر ، ثمّ تُصبح مقابلات ، ثمّ يقعان في المحظور .. أو يُقرّر أحدهما التّوقّف لأنّ الطّرف الآخر لَم يُعجِبه ، وتبقَى الصُّوَر والرّسائل عنده !

                استمعي معي لهذه الفتاة تروي مأساتها ، وستفهمين خطورة الأمر .

                تقول الفتاة : بدأَتْ قصَّتي مع بداية الإجازة الصّيفيّة للعام الدّراسي الماضي . سافرَتْ أمّي مع أبي وجدّتي للعلاج خارج البلاد ، وتَركوني مع إخوتي الصّغار تحت رعاية عمّتي ، وهي نصف أُمّيَّة ، لا تَفقَهُ كثيرًا في أمور الحياة .

                كنتُ أشعر بالكآبة والملَل ، فهي المرّة الأولى التي أفارقُ فيها أمّي . فبدأتُ أشغَلُ نفسي بالتّسلّي على الإنترنت ، وأتجوَّل في عدّة مواقع ، وأُطيلُ الحوار في غُرف الدّردشة . ولأنّني تربَّيتُ تربيةً فاضلة ، لَم أخشَ على نَفسي من مخاطر هذه المحادثات .

                تعرَّفتُ على شابّ من نفس بلدتي عن طريق الإنترنت وبدأتُ أُطيلُ الحديث معه بحُجَّة التَّسلية وملئ الفراغ ، ثمّ طلبَ منّي أن يُحدّثني على المسّنجر ، فوافقتُ .

                أصبحنا نتحاور يوميّا ولِساعات طويلة حتّى الفجر ! كنّا نتناقش في عدّة مواضيع مفيدة . عرفتُ أنّه شابٌّ طائش ، قد جرّب أنواعَ الحرام . وبلباقتي استطعتُ أن أُغيّر مجرى حياته ، فبدأ بالصَّلاة والالتزام . بعد فترة قصيرة صارحني بأنّه يُحبُّني ، وأنّ سلوكه قد تحسَّن بعد أن اقتنع بأنّ حياته السّابقة كانت طيشًا .

                وبعد أيّام من ذلك اكتشفتُ أنّني قد تعلّقتُ به ، وأصبحتُ أنتظر بفارغ الصّبر موعد لقائي معه على المسّنجر ! ثمّ طلب منّي أن نَلتقي ، فوافقتُ شرط أن يكون في مكان عامّ ، ولِدقائقَ فقط لِيَرى شكلي .

                في يوم اللّقاء ، تحجّجتُ لعمَّتي بأنّني سأزور صديقتي ، وذهبتُ لِمُلاقاة الشّابّ . كنتُ أرتجف وقلبي يَدقّ بسرعة ، حتّى رأيتُه وجهًا لوجه . لَم أكُن أتصوَّر أنّه بهذه الوسامة ! رأيتُ فيه فارس أحلامي ، وتحاورنا لدقائق أبدَى فيها إعجابه الشّديد بصورتي ، وأنّني أجمل مِمَّا كان يظنّ ! ثمّ افترقْنَا ، وعدتُ إلى المنزل والدّنيا لا تكاد تَسعُني من السّعادة ، لدرجة أنّ معاملتي لإخوتي تغيَّرتْ ، وأصبحتُ شُعلةً من الحنان معهم !

                تغيّر أسلوبُنا في الحديث ، ووعدني بأنّه سيتقدّم لِخطبتي فور رجوع أهلي من السَّفر ، ولكنّني رفضتُ وطلبتُ منه أن يتريّثَ حتّى أُنْهي دراستي . تكرَّرتْ لِقاءاتُنا خلال الإجازة ثلاث مرّات ، وكنتُ في كلّ مرّة أعود أكثر سعادة . ثمّ عاد أبي وأمّي وجدّتي من السّفر مكتئبين لأنّ العلاج فَشل .

                مع بداية السّنة الدّراسيّة طلب منّي أن نَلتقي ، فرفضتُ لأنّني لا أجرأ على فعل ذلك بوجود أمّي . ولكنّه أَصرّ ، وأخبرني بأنّه يحمل مفاجأة سارَّة لي . فوافقتُ ، وفي الموعد المحدَّد تقابلنا ، وقدَّم لي دبلة خطوبة ، ففرحتُ كثيرًا بها . أصرَّ على زيارة أهلي، ولكنّني رفضتُ بحجّة الدّراسة .

                ثمّ ، وفي ذلك اللّقاء المشؤوم وفي لحظات ضُعف ، استسلمنا للشّيطان ، وفقدتُ أعزَّ ما أملك ! نعم ، فقدتُ عُذريَّتي ، وأنا التي تربَّيتُ على الفضيلة والأخلاق ! أخذ يُواسيني بأنّه سيتقدَّم لخطبتي في أقرب وقت ، وانتهى اللّقاء بعد أن وعدْتُه بأنّني سأفكّر في الموضوع وأحدّد له موعدًا مع أهلي .

                رجعتُ إلى المنزل مكسورةً حزينة ، وعشتُ أيّامًا لا أُطيق فيها رؤية أحد . تأثَّر مستواي الدّراسي كثيرًا ، وكان هو يُكلّمني كلّ يوم ليطمئنّ على حالتي . بعد حوالي أسبوعين من الحادثة ، فكّرتُ في أنّ اللهَ لَن يفضح فعلتي ، فبدأتُ أهدأ وأستعيد صحَّتي تدريجيّا . اتّفقتُ معه على أن يزور أهلي مع نهاية الشّهر لِيَطلُبني للزّواج . لكنّه تغيَّب عنّي لفترة أسبوع بدون سابق إنذار ! كانت فترة طويلة بالنّسبة لي ، حاولتُ أن أُحدّثه فيها فلم أجده .

                بعد طول انتظار ، وجدتُ في بريدي رسالةً منه مُختصَرة وغريبة ! لَم أَفهم مُحْتَواها ، فطلبتُه بالهاتف لأستوضح الأمر . التقيتُ به بعد ساعة من الاتّصال ، فوجدتُ حُزنًا عميقًا في عينيه ! حاولتُ أن أعرف السّبب دون جدوى ، ثمّ انهار فجأة في البكاء ! لَم أتصوَّر أن أراه يومًا بهذا المنظر ! كان كلُّ جسمه يرتجف ! ظننتُ أنّ سوءًا حلَّ بأحد أفراد أسرته ! طلب منّي أن أنساه ، لَم أفهم قصده ، فبكيتُ واتَّهمْتُه بأنّه يريد التّخلّص منّي !

                ثمّ أخبرني بالسّبب . لن أنسَى ما حَييتُ وجههُ الحزين وهو يقول لي بأنّه مُصابٌ بِمَرض الإيدز (أو السّيدا) ، وأنّه اكتشفَ مرضَه بعد فوات الأوان !

                أيّ مرض ؟! وأيّ أوان ؟!
                لا إله إلاّ أنت سبحانك إنّي كنتُ من الظَّالمين .

                (نقلاً ، مع تصرّف بسيط في سرد القصّة ، عن موقع طريق التّوبة www.twbh.com) .

                حذار إذًا يا ابنتي من الشّات والمحادثات عن طريق الإنترنت . واملئي هذا الوقت بتعلّم أمور دينك وتقديم شيء للإسلام .

                وتخيّلي مَدَى فرحتكِ يوم القيامة عند لقاء ربّكِ ، وأنتِ تقولين : يا رَبّ ، لقد كنتُ سببًا في التزام فلانة بالصّلاة ، وفي ارتداء فلانة للحجاب واللّباس الفضفاض ، وفعلتُ ، وفعلتُ ، وفعلتُ .

                تعليق


                • #23
                  23- حذار من محبطات الأعمال !


                  نعم ، فقد تَغترّ يا أخي بجبال الحسنات التي تَحصدها يوميّا من خلال المداومة على الأذكار والأفعال الخيريّة ، فتقول في نفسك : أستطيع الآن أن أرتكب بعض المعاصي ، فلن يُؤثّر ذلك على حسناتي الكثيرة !

                  حذار ثمّ حذار من ذلك ! فقد روى ابن ماجة في سُنَنه عن ثوبان رضي الله عنه ، أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال : لَأعلَمَنَّ أقوامًا مِن أُمَّتي يأتون يومَ القيامة بِحَسَنات أمثالَ جبال تُهامَة بيضًا ، فَيَجْعَلُها اللهُ عزَّ وجلَّ هباءً مَنْثُورًا ! قال ثوبان : يا رسولَ الله ، صِفْهُم لَنا ، جَلّهِم لَنا أن لا نكونَ منهم ونحن لا نَعْلَم . قال : أمَا إنَّهم إخوانُكُم ومِن جِلْدَتكُم ويأخذُون من اللَّيل كما تأخذُون ، ولكنَّهم أقوامٌ إذا خَلَوْا بِمَحارم الله انتهكُوها ! (سنن ابن ماجة - الجزء 2 - ص 1418 - رقم الحديث 4245) .

                  وروى التّرمذي في سُنَنه عن أبي هُرَيْرة رضي الله عنه ، أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال : إنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكلَّمُ بالكَلِمَة لا يَرَى بها بأْسًا ، يَهْوِي بها سَبعينَ خريفًا في النَّار ! (الجامع الصّحيح سنن التّرمذي - الجزء 4 - ص 557 - رقم الحديث 2314) .

                  فَلْنَحذَر إذًا كلّ الحذَر من المعاصي ومِن زلاَّت اللّسان ، فإنَّها قد تأكُلُ حسناتنا كما تأكلُ النّارُ الحطب !

                  كذلك ، يجبُ أن لا ننسَى أنَّ الله لا يقبل من العمل إلاَّ ما كان خالصًا لِوَجهه الكريم ! يقول تعالى : { إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ الله مِنَ الْمُتَّقِينَ } (5- المائدة 27) .

                  وقد يَعملُ أحدُنا الكثيرَ من العمل الصَّالح ظانّا أنّ كلّ ذلك سيكُون في ميزان حسناته ، لكنَّ الله لا يَقبلُ منه إلاَّ القليل !

                  ثمّ إنّ العمل الصَّالح لا يكفي وحده لِيُدخِلَ صاحبَه الجنَّة . بل يُشتَرَطُ مع ذلك أن يَشملَ اللهُ هذا العبدَ برحمته وفَضله . فقد روى الإمام أحمد في مُسْنَده عن أبي هُرَيْرة رضي الله عنه ، أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال : سَدّدُوا وقارِبُوا ، واعلَمُوا أنَّ أحدًا منكُم ليسَ بِمُنْجِيه عَمَلُه . قالُوا : ولا أنتَ يا رسولَ الله ؟! قال : ولا أنا ، إلاَّ أن يَتَغمَّدَني اللهُ بِرَحْمَته . (مسند الإمام أحمد بن حنبل - الجزء 2 - ص 466 - رقم الحديث 10011) .

                  ومن مُحبطات الأعمال : الاعتداء على حقوق الغير ! فقد روى البَيْهقي في سُنَنه عن أبي هُرَيْرة رضي الله عنه ، أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال : أتَدْرونَ مَن المفْلِس ؟ قالُوا : المفْلِس فينا مَنْ لا دِرهَم له ولا مَتاع . فقال : إنَّ المفْلِس من أمَّتي يأتي يومَ القيامة بصلاة وصيام وزكاة ، ويأتي قد شَتَم هذَا ، وقذفَ هذا ، وأكلَ مالَ هذا ، وسفَكَ دَمَ هذا ، وضربَ هذا ، فَيُعطَى هذا من حَسَناته ، وهذا من حَسَناته ، فإن فَنِيَتْ حَسَناتُه قبل أن يُقضَى عنه ما عليه ، أخذَ من خطاياهُم فطُرحَتْ عليه ، ثمَّ طُرح في النَّار . (سنن البيهقي الكبرى - الجزء 6 - ص 93 - رقم الحديث 11284) .

                  نعم ، الذي طُرح في النَّار هنا هو مسلمٌ كان يُؤدّي فرائضَ الله من صلاة وصيام وزكاة ، ولكنَّه نسيَ أنَّ الله العادلَ لن يتركَه قبل أن يُحاسبه على ظُلْمِه لتلك المرأة المسلمة، وسَرقته لِمَال ذلك المسيحي، وضَرْبه لذلك اليهودي ، وشهادته زورًا ضدَّ ذلك الملْحِد .

                  من مُحبطات الأعمال أيضًا : السَّيّئات الجارية ، والتي تَمتدُّ إلى ما بعد الممات ! فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هُرَيْرة رضي الله عنه ، أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال : مَنْ دَعَا إلى هُدى كان له من الأجْر مثْلَ أجُور مَنْ تَبِعَه ، لا ينقصُ ذلكَ منْ أجورهم شيئًا ، ومَنْ دَعَا إلى ضلالة كان عليْه من الإثْم مثْل آثام مَنْ تَبعَه ، لا ينقصُ ذلك منْ آثامِهم شيْئًا . (صحيح مسلم - الجزء 4 - ص 2060 - رقم الحديث 2674) .

                  ولا تظنَّ يا أخي أنّ الأمر غير خطير ! فقد تدخلُ مثلاً على منتدى على الإنترنت، وتَضع رابط أُغنية، أو صورة مُحرَّمة ، أو مقالاً لا يُرضِي الله ، وأنت تظنُّ أنّك لَم تفعل حرامًا ، فإذا بك تحملُ أوزار كلّ مَن يَستمع إلى الأغنية على هذا الرّابط ، أو ينظر إلى الصُّورة ، أو يقرأ المقالة ويدعُو إليها ، ويَبقَى العددُ يكبر ويكبر إلى يوم القيامة ! فبصورة واحدة قد تحصد جبالاً من الآثام ، وبِمقالٍ واحد قد تُضِلُّ آلاف الأشخاص في أقصى الأرض وأنت لا تعرفهم !

                  ونصيحتي لك هنا : إذا كنتَ مصرّا مثلاً على أنّ الاستماع للغناء والموسيقى حلال أو أنّ التّدخين لا شيء فيه أو أنّ الحجاب ليس فرضًا ، على الأقلّ احتفظْ بهذا الرّأي لنفسِكَ ولا تُدافع عنه بين النّاس ! فأنت لا تستطيعُ حملَ أوزارك لكي تُضيفَ إليها أوزار غيرك !

                  تعليق


                  • #24
                    24- حذار من الشّرك !


                    فاللهُ تعالى لا يَغفِرُ أن يُشرَك به ، ويَغفر ما دون ذلك لِمَن يشاء . لهذا سَدَّ الإسلامُ كلّ الطُّرُق المؤدّية إلى الشّرك ، من ذلك :

                    1- أنّه نَهى عن الغُلُوّ في تَعظيم النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم . فقد روى النّسائي في السُّنن الكبرى عن أنَس رضي الله عنه ، أنَّ ناسًا قالُوا لِرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم : يا خيرنا وابن خيرنا ويا سيّدنا وابن سيّدنا . فقال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم : يا أيُّها النَّاس ، علَيْكُم بقَوْلِكُم ولا يَسْتَهْوِيَنَّكُم الشَّيْطان ، إنّي لا أريدُ أن ترفعُوني فوقَ مَنْزلَتي التي أنْزَلَنيها اللهُ تعالَى ، أنا مُحمّد بن عبد الله ، عبدُهُ ورسُولُه. (السّنن الكبرى - الجزء 6 - ص 71 - رقم الحديث 10078) .

                    2- ونَهى عن الحلف بغير الله . فقد روى الإمام أحمد في مسنده عن سعد بن عُبَيدة رضي الله عنه ، أنَّه قال : جلستُ أنا ومحمّد الكندي إلى عبد الله بن عمر ، ثمّ قُمتُ من عنده فجلسْتُ إلى سعيد بن المسيّب .
                    فجاء صاحبي وقد اصفَرَّ وَجهُه وتغيَّر لَونُه ، فقال : قُمْ إلَيّ ، قلتُ : ألَمْ أَكُنْ جالِسًا معكَ السَّاعة ؟! فقال سعيد : قُمْ إلى صاحبك. فقمتُ إليه ، فقال : ألَمْ تَسمعْ إلى ما قالَ ابنُ عُمَر ؟! قلتُ : وما قال ؟! قال : أتاهُ رجلٌ فقال : يا أبا عبد الرّحمن ، أعَلَيَّ جُناحٌ أنْ أَحْلِفَ بالكعبَة ؟ قال : ولِمَ تَحلفُ بالكعبَة ؟! إذا حلفْتَ فاحْلِفْ بِرَبّ الكعبَة ، فإنَّ عُمَر كان إذا حلفَ قال : كلاَّ وأبي ! فحلفَ بها يومًا عند رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ، فقال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم : لا تَحْلِفْ بِأبيكَ ولا بِغَيْر الله ، فإنَّه مَن حَلَفَ بغير الله فقد أَشْرَك . (مسند الإمام أحمد بن حنبل - الجزء 2 - ص 69 - رقم الحديث 5375) .

                    3- ونَهى عن اتّخاذ القُبور مساجد . فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن عبد الله بن الحارث النّجراني رضي الله عنه ، أنَّه قال : حدَّثني جندب ، قال : سمعتُ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قبلَ أن يَموتَ بِخَمسٍ وهو يقول : إنّي أَبْرأُ إلى الله أن يكُون لي منكُم خليلٌ ، فإنَّ الله تعالَى قد اتَّخذَني خليلاً كما اتَّخذَ إبراهيمَ خليلاً ، ولو كُنتُ مُتَّخِذًا من أُمَّتي خليلاً لاتَّخذتُ أبا بكر خليلاً . ألاَ وإنَّ مَن كان قبلَكُم كانُوا يَتَّخذونَ قُبورَ أنبيائهم وصالحيهم مَساجدَ ، ألاَ فلا تَتَّخذُوا القبورَ مساجد ، إنّي أنْهاكُم عن ذلك . (صحيح مسلم - الجزء 1 - ص 377 - رقم الحديث 532) .

                    وإنّ ما نُشاهده اليوم في العديد من البلدان الإسلاميّة ، من وجود مساجد ومزارات وأضرحة على القُبُور بدَعوى أنّها لأولياء صالحين ، والذّبح عندها والدُّعاء فيها بشفاء المرضَى وقضاء الحاجات ، لَهو شِركٌ عظيم ، وقد حذّر منه الإسلام أشدّ التَّحذير .

                    4- وحذّر من الرّياء . فقد روى الإمام أحمد في مسنده عن محمود بن لبيد رضي الله عنه ، أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال : إنَّ أخْوَفَ ما أخافُ عليكم : الشّرْك الأصْغَر . قالُوا : وما الشّرْكُ الأصغَر يا رسول الله ؟ قال : الرّيَاء ، يقول الله عزَّ وجلَّ لهم (أي لِلْمُرائين) يوم القِيامة إذا جَزَى النَّاسَ بأعمالهم : اذهبُوا إلى الذين كُنْتُم تُراءون في الدُّنيا ، فانظُرُوا هل تجدُون عندهُم جزاء . (مسند الإمام أحمد بن حنبل - الجزء 5 - ص 428 - رقم الحديث 23680) .

                    وروى النّسائي في السُّنن الكبرى عن أبي هُرَيْرة رضي الله عنه ، قال : سمعتُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول : أوَّلُ النَّاس يُقضَى يومَ القيامة عليه ، ثلاثَة : رجلٌ استُشْهِد فأُتِيَ به فعرَّفه (أي اللهُ تعالى) نِعَمَه فعَرفها ، قال : فَمَا عملْتَ فيها ؟ قال : قاتَلْتُ فيك حتَّى استُشْهِدْتُ . قال : كذبْتَ ، ولكن قاتلْتَ لِيُقال فلانٌ جريء ، وقد قِيل ، ثمَّ أُمِر به فسُحِبَ على وجهه حتَّى أُلْقِيَ في النَّار . ورجلٌ تعلَّم العِلْم وعلَّمَه وقرَأ القُرآن ، فأُتِيَ به فعرَّفَه نِعَمَهُ فعَرفها ، قال : فما عملْتَ فيها ؟ قال : تعلَّمتُ العِلْمَ وعلَّمْتُه وقرأتُ فيك القرآن . قال : كذبْتَ ، ولكن تعلَّمتَ العِلْم لِيُقال عالِم، وقرأتَ القرآن لِيُقال قارئ ، فقد قِيل ، ثمَّ أُمِر به فسُحِب على وجهه حتَّى أُلقِيَ في النَّار . ورجلٌ وسَّع الله عليه وأعطاه من أصناف المال كُلّه ، فأُتِيَ به فعرَّفه نِعَمَه فعَرفها ، قال : ما عملْتَ فيها ؟ قال : ما تركتُ من سبيلٍ تحبُّ أن يُنْفَق فيها إلاَّ أنفقتُ فيها لك . قال : كذبْتَ ، ولكن فعلْتَ كي يُقال جَواد ، فقد قِيل ، ثمَّ أُمِر به فسُحِبَ على وجهه حتَّى أُلقِيَ في النَّار . (السّنن الكبرى - الجزء 6 - ص 477 - رقم الحديث 11559) .

                    تعليق


                    • #25
                      25- حذار من الظّلم !


                      روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي أمامة رضي الله عنه ، أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال : مَن اقْتَطعَ حَقَّ امرئ مُسْلِم بيَمينه ، فقد أوْجَبَ اللهُ له النّارَ وحرَّم عليه الجنَّة . فقال له رجُلٌ : وإن كان شيئًا يَسيرًا يا رسولَ الله ؟! قال : وإن (كان) قَضِيبًا مِنْ أراك ! (صحيح مسلم - الجزء 1 - ص 122 - رقم الحديث 137) .

                      فَما بالُكَ بِمَن يَستولي على نَصيب إخوته في الإرث ، أو يأكل مال أيتام ، أو يُزَوّر حسابات الشّركة ليقتطع حقَّ شُركائه ؟! أين سيذهبُ من الله ، وإن صلّى وصام وزعم أنّه مسلم ؟!

                      وروى الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هُرَيْرة رضي الله عنه ، أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال : اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الموبِقَات ، قالُوا : يا رسولَ الله ، وما هُنَّ ؟ قال : الشّرْكُ بالله ، والسّحْر ، وقَتْلُ النَّفْس التي حرَّمَ اللهُ إلاَّ بالحقّ ، وأكْلُ الرّبَا ، وأكْلُ مال اليَتِيم ، والتَّوَلّي يوم الزَّحْف ، وقَذْفُ المحصَنات المؤمنات الغافلات . (الجامع الصّحيح المختصر - الجزء 3 - ص 1017 - رقم الحديث 2615) .

                      فحذار يا أختي الكريمة من الخوض في أعراض المؤمنات ، فإنّ ذلك من الكبائر .

                      وروى التّرمذي في سُنَنه عن أبي هُرَيْرة رضي الله عنه ، أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال : نَفْسُ المؤمن مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنه حتّى يُقْضَى عنه (أي حتّى يُؤَدّيه أحدُ أقاربه أو أحد المحسنين عنه) . (الجامع الصّحيح سنن التّرمذي - الجزء 3 - ص 389 - رقم الحديث 1079) .

                      بينما نرى اليومَ مُسلمين يُصلُّون ويَصومون ويُزكُّون ، ومع ذلك يُماطلون في أداء الدَّيْن ! وكلَّما تَوفَّر لديهم شيءٌ من المال ، سارعُوا إلى صَرفِه في تَوسيع تجارتهم أو في شراء كماليَّات لِمنازلهم ، وحلَفُوا في المقابل للدَّائن بأغلظ الأيمان أنّهم لا يملكون عشاءَ يومهم ! فأين سيذهبون من الله لو قبضَ أرواحَهم في ذلك اليوم ؟!

                      وروى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هُرَيْرة رضي الله عنه ، أنّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلّم قال : تُفْتَح أبوابُ الجنَّة يوم الاثنين ويوم الخميس ، فيُغْفَر لكلّ عبد لا يُشركُ بالله شيئًا، إلاّ رجلاً كانت بَينه وبين أخيه شَحْنَاء ، فيُقَال : أَنْظِرُوا هذين حتّى يَصْطَلِحَا ، أَنْظِرُوا هذين حتّى يَصْطَلِحَا ، أَنْظِرُوا هذين حتّى يَصْطَلِحَا . (صحيح مسلم - الجزء 4 - ص 1987 - رقم الحديث 2565) .

                      فحذار يا أخي الكريم من القطيعة .

                      وحذار من الغيبة والنّميمة والخوض في أعراض الآخرين . يقول الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا الله إِنَّ الله تَوَّابٌ رَحِيمٌ 12 } (49- الحجرات 12) .

                      حتّى الغارق في المعاصي ، لا ينبغي أبدًا التّحدُّث عنه على أنّه لا فائدة تُرجَى منه ، وأنّه سيدخُلُ النّار حتمًا !
                      فمَن يُدريك ؟! لعلَّهُ يسبقُكَ إلى الجنّة برحمة الله وفضله ، جزاءَ عملٍ أخلصَ فيه نيَّتَهُ للّه ، أو دعوةٍ عن ظهر غيب من مُسلِم ، غَفر الله له بها وأصلحَ حالَه !

                      الأولى إذًا تقديم النُّصح له والدُّعاء له بالهداية .

                      تعليق


                      • #26
                        26- حذار من القتل !


                        يقول الله تعالى : { وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ الله عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا 93 } (4- النّساء 93) .

                        وروى الإمام البخاري في صحيحه عن (عبد الله) بن عمر رضي الله عنهما ، أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال : لا يَزالُ المؤمنُ في فُسْحةٍ من دِينه ما لَم يُصِبْ دَمًا حَرامًا . (الجامع الصّحيح المختصر - الجزء 6 - ص 2517 - رقم الحديث 6469) .

                        وروى ابن حبّان في صحيحه عن أبي الدّرداء رضي الله عنه ، أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال : كُلُّ ذَنْبٍ عَسَى الله أن يَغْفِرَه ، إلاَّ مَن ماتَ مُشركًا أو مَن قَتلَ مُؤمِنًا مُتَعَمّدًا . (صحيح ابن حبّان - الجزء 13 - ص 318 - رقم الحديث 5980) .

                        وروى الإمام البخاري في صحيحه عن عبد الله (بن مسعود) رضي الله عنه ، أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال : لا يَحِلُّ دَمُ امرئٍ مُسلِمٍ يَشهدُ أن لا إلهَ إلاَّ الله وأنّي رسولُ الله إلاَّ بإحْدَى ثلاث : النَّفْسُ بالنَّفْس ، والثَّيّبُ الزَّاني (فإنَّهُ يُرْجَم) ، والمُفارِقُ لِدينه التَّارِك للجماعة (وهو الذي يرتَدُّ عن الإسلام ، فإنَّه يُقْتَل) . (الجامع الصّحيح المختصر - الجزء 6 - ص 2521 - رقم الحديث 6484) .

                        وحتّى في هذه الحالات ، لا يَحِلُّ لأيّ مسلم أن يَقتُلَ أحد هؤلاء ، وإنَّما القاضي هو الذي يُقيمُ عليهم الحَدّ بعد شهادة الشُّهود .

                        فلا تُلَطّخْ يا أخي يدكَ بدَمِ مُسلم ، حتّى ولو كان هذا المسلم لا يعرفُ من الإسلام إلاّ اسمه !

                        ولا تُلَطّخْ يدكَ بدَمِ غير مسلم ، مُسالِمٍ غير مُحارب ، طالَما أنّه لَم يعتدِ على حُرُمات المسلمين أو يغتصب شِبْرًا من أرضهم .

                        لا تستغربْ يا أخي من هذا التَّحذير ! فقد يبدُو لكَ هذا الأمرُ بديهيّا الآن ، لكن مَن يدري ، رُبَّما تختلطُ عليكَ الأمورُ يومًا ، فيُصبحُ قتلُ هؤلاء حلالاً في نَظرك ! نعم ، فقد كان هذا الأمرُ بديهيّا أيضًا بالنّسبة لبعض المسلمين ، لكنَّهم انزلقُوا في ما بعدُ في مَتاهاتٍ خطيرة ، فاختلطتْ عليهم الأمور ، فأصبحُوا يَستحلُّون تفجير القطارات والحافلات برجالها ونسائها وأطفالها ، مثلما حدثَ في لندن ومدريد منذ بضع سنوات ، وأصبحُوا لا يرَون أيّ بأس في تفجير الفنادق والعمارات بِمَنْ فيها ، مثلما حدث في بعض البلدان الإسلاميّة ، وشرَّعُوا لأنفُسهم تَفجير مكاتب رجال الأمن المسلمين بِمَنْ فيها ، مثلما حدث في السّعوديَّة ، ثمّ انتقلُوا إلى اختطاف المسلمين وإعدامهم ، مثلما فعلُوا مع السَّفير المصري ومع الدّيبلوماسيّين الجزائريّين في العراق ، كلُّ ذلك بدعوى الجهاد في سبيل الله ! فأين سيذهبون من الحساب يوم القيامة ؟! أين سيذهبون من الله ، وقد تلطَّختْ أيديهم بكلّ هذه الدّماء ؟!

                        نصيحتي لكَ إذًا يا أخي الكريم : إذا اختلَطَتْ عليكَ الأمورُ يومًا ، فعليكَ بعُلَماء المسلمين . لا تسمحْ لنفسكَ أبدًا أن تَنتقل إلى الفعل في أمرٍ خطير ، بِنَاءً على اجتهاد فَرد أو مجموعة معيَّنة . بل لا بُدَّ أن تسأل علماء المسلمين الثّقات الموجودين اليوم في كلّ البلاد الإسلاميَّة والحمد للَّه .

                        وتذكَّرْ دائمًا هذا الحديث الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أُسامة بن زيد رضي الله عنه ، أنَّه قال : بعثَنا رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم في سَرِيَّة ، فصبحنا الحرقات من جهينة . فأدركْتُ رجُلاً ، فقال : لا إلهَ إلاَّ الله ! فطَعَنْتُهُ . فوقَعَ في نَفسي من ذلكَ ، فذكَرْتُهُ للنَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، فقال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم : أقالَ : لا إلهَ إلاَّ الله ، وقَتَلْتَه ؟! قلتُ : يا رسولَ الله ، إنَّما قالَها خوفًا من السّلاح ، قال : أفَلاَ شَقَقْتَ عن قَلْبِه حتَّى تعلَم أقَالَها (خوفًا من السّلاح) أم لا ؟!
                        فَمَا زالَ يُكَرّرُها عَلَيَّ حتَّى تَمَنَّيْتُ أنّي أسلَمْتُ يَومَئِذ ! (صحيح مسلم - الجزء 1 - ص 96 - رقم الحديث 96) .

                        فإذا كان هذا هو الحالُ في حُرْمَة قَتْلِ كافر قال : لا إله إلاَّ الله ، لكي يَنجُو من الموت ، فما بالُكَ بِقَتْل مُسلم يُصلّي ويَصوم ؟!

                        وضَعْ نصبَ عينَيْكَ يا أخي دائمًا هذا الحديث الذي رواه ابن ماجة في سُننه عن أبي هُرَيْرة رضي الله عنه ، أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال : مَن أعانَ على قَتْلِ مُؤمن بِشَطْر كَلِمَة ، لَقِيَ اللهَ عزَّ وجلَّ مكتوبٌ بين عَيْنَيْه : آيِسٌ من رحمة الله . (سنن ابن ماجة - الجزء 2 - ص 874 - رقم الحديث 2620) .

                        فماذا يبقَى للعبد إذًا يوم القيامة إذا أُبعِدَ عن رحمة الله ؟!

                        كذلك ، لا يَجُوز بأيّ حال من الأحوال قتل غير المسلم ، المسالِم غير المحارب ، الذي لم يَعْتَدِ على حُرُمات المسلمين أو يَغتصب أرضَهم . فنحنُ مُطالَبُون بتبليغ دعوة الإسلام إلى هؤلاء ، لا أن نَمحُوهم من الأرض !

                        لكن ، إذا احتُلَّ شبرٌ واحدٌ من أرض المسلمين ، مثلما هو واقع اليوم في فلسطين والعراق وأفغانستان وغيرها ، فالجهاد الجهاد حتّى يخرج آخر مُحتلّ !

                        حذار أيضًا يا أخي أن تُفكّر يومًا في الانتحار ، مهما عَظُمَت بك المصائب ، فأنتَ بهذا تخسرُ الدُّنيا والآخرة ! فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هُرَيْرة رضي الله عنه ، أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال : مَنْ قَتَلَ نَفسَهُ بِحَديدة ، فحديدتُه في يَده يَتَوجَّأُ (أي يَطعَنُ) بها في بطنه في نار جهنَّم خالدًا مُخلَّدًا فيها أبدًا . ومَنْ شربَ سُمّا فقتلَ نَفسَهُ ، فهو يَتحسَّاهُ في نار جهنَّم خالدًا مُخلَّدًا فيها أبدًا . ومَنْ تَردَّى (أي ألقَى بنفسه) من جَبَل فقتلَ نَفسَهُ ، فهو يَتردَّى في نار جهنَّم خالدًا مُخلَّدًا فيها أبدًا . (صحيح مسلم - الجزء 1 - ص 103 - رقم الحديث 109) .

                        وروى الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هُرَيْرة رضي الله عنه ، أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال : الذي يَخنقُ نَفسَهُ يَخنقُها في النَّار ، والذي يَطعنُها يَطعنُها في النَّار . (الجامع الصّحيح المختصر - الجزء 1 - ص 459 - رقم الحديث 1299) .

                        كذلك ، لا تنسَ ما ذكَرْناه في بداية هذا العنصر عن القتل ! فرُبَّما تختلطُ عليكَ الأمورُ يومًا ، لا قدَّر الله ، فتُفجّر نفسكَ وسطَ مُسلِمين يقولون لا إله إلاّ الله ، بدعوى أنَّهم ليسُوا على مذهب السُّنَّة والجماعة مثلاً ، أو وسطَ كُفَّارٍ مُسالِمين ، وأنتَ في ظَنّكَ أنَّك ستُبعثُ يوم القيامة شهيدًا ، فتُبعث عِوَضًا عن ذلك .. مُنتحِرًا .. وقاتلاً !

                        تعليق


                        • #27
                          27- حذار من الانزلاق وراء التّسميّات !


                          حذار يا أخي أن يقودك الحماسُ إلى الانضمام دون تفكير إلى واحدة من الجماعات التي لها معتقدات ضالَّة ، فتحيد بذلك عن طريق الله دون أن تشعر !

                          من بين هذه الجماعات : الشّيعة الرّافضة ، الذين أفرطُوا في التّشيُّع لآل بيت النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، حتّى أصبحُوا يَشتمون الصَّحابةَ الكرام أمثال أبي بكر الصّدّيق وعمر بن الخطّاب رضي الله عنهما ، ويَشتمونَ عائشةَ أمّ المؤمنين رضي الله عنها ، والإمامَ البخاري، وشيخَ الإسلام ابن تيميّة، ويَدَّعون أنَّ القرآن مُحرَّف ، ورفعُوا الإمام عليّا رضي الله عنه وأئمَّتهم أيضًا إلى مقام الأنبياء ، وبَنَوْا لهم مَزارات في إيران والعراق ، يحجُّون إليها كما يحجُّ المسلمون إلى بيت الله الحرام ... !!

                          وهناك طُرُق الصُّوفيّة المتنوّعة ، بِمَا فيها من شَطحات ما أنزل اللهُ بها من سُلطان ، والدُّعاء عند أضرحة الأولياء والتَّوَسُّل بهم ، مع أنّ تحريم هذا الأمر ، وكذلك بناء الأضرحة على القبور ، صريحٌ في أحاديث النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، وغالَوْا في وصف النَّبيّ بأوصاف لا تَجوز إلاَّ للخالق سُبحانه وتعالى ... !!

                          وهناك مَنْ فَهِمَ أنّ التَّقرُّب إلى الله يكمنُ في اعتزال أهله وأصدقائه وتكفيرهم بدعوى أنّهم يعيشُون في جاهليَّة ، وكان الأولَى به أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر ! وقد روى ابن ماجة في سُنَنه عن ابن عمر رضي الله عنه ، أنّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال : المؤمنُ الذي يُخالِطُ النّاسَ ويَصبِرُ على أذاهُم أعظمُ أجرًا من المؤمن الذي لا يُخالِطُ النّاسَ ولا يَصبِرُ على أذَاهُم . (سنن ابن ماجة - الجزء 2 - ص 1338 - رقم الحديث 4032) .

                          والخطر أنّ كلّ هذه الفِرَق تتحدّث بالقرآن والسُّنّة ، تُفَسّرهما كما تُريد ، لِتُدلّل على أنّها هي وحدها التي على الحقّ . كيف السّبيلُ إذًا لِعدم الانزلاق وراء إحدى هذه الجماعات ؟

                          السّبيلُ إلى ذلك هو أن تكون دائمًا يَقِظًا ، فَطِنًا ، ولا تَتَّبع إلاّ مَن تراهُ يلتزمُ فعلاً بِمَذهب السُّنَّة والجماعة ، ولا يستدلّ في أقواله إلاّ بالأحاديث الموثوقة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم .

                          وضَعْ دائمًا نِصْبَ عينيك الحديث الذي رواه البيهقي في سُنَنه عن أبي هُرَيْرة رضي الله عنه ، أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلّم قال : إنّي قد خلَّفتُ فيكم ما لَنْ تَضلُّوا بعدهما ، ما أخذتُم بهما أو عملتُم بهما : كتابَ الله وسُنَّتي ، ولن يَفترقَا حتّى يَرِدَا عَلَيَّ الحوْضَ . (سنن البيهقي الكبرى - الجزء 10 - ص 114 - رقم الحديث 20124) .

                          فلو عرضْتَ مثلاً معتقدات الشّيعة والصُّوفيّة على هذا الحديث ، لَتَبيَّن لك على الفور أنَّها لا تُوافق ما جاء في القرآن والسُّنّة .

                          وعلى كلّ حال ، إذا أشكَلَتْ عليكَ بعضُ الأمور ، فعليكَ بِسُؤال أهل العلم الموثوق بهم ، عن طريق مواقعهم على الإنترنت أو دُروسهم في المساجد .

                          تعليق


                          • #28
                            ارجو من الجميع الدعاء لى بالشهادة فى سبيل الله وان يتقبل روحى وجسدى مقاب رفع رايه لا اله الا الله محمد رسول الله فاللهم ارزقنى الشهادة اللهم ارزقنى الشهادة اللهم الشهادة اللهم امين وان يتغمدنى برحمته وان يدخلنى الجنه بلا حساب ولا سابقه عذاب اللهم امين بالله عليكم الدعاء

                            تعليق

                            يعمل...
                            X