المرور على الصّراط

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • المرور على الصّراط

    [IMG]http://www.********************************.net/fmm/fimnew/slam/fdgdfgd.gif[/IMG]



    بعد الفراغ من الحساب والقصاص والميزان وظُهور النَّتائج ، لا يبقى إلاَّ الجزاء ، إمَّا بالجنَّة وإمَّا بالنَّار . لكنَّ الله تعالى شاء ألاَّ يَكُون هناك طريقٌ للوصول إلى الجنَّة إلاَّ بالمرُور على الصّراط الذي نُصِبَ فوق جهنَّم . وهذا الصّراط هو عبارةٌ عن جِسْرٍ شديد الظُّلمة ، على جانِبَيْه خطاطيف وكلاليب، يَمرُّ فوقه النَّاس .

    فإمَّا أن يسقُطَ العبدُ مُباشرةً في النَّار ، تتخطَّفُه المخاطيف ، وإمَّا أن يجتاز مخدوشًا ثمَّ يَدخُل الجنَّة ، وإمَّا أن يجتاز سالِمًا ثمَّ يدخُل الجنَّة ! يقول تعالى : { وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا 71 ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا 72 } (19- مريم 71-72) .

    قال بعضُ العُلَماء : كلُّ النَّاس سَيَرِدُون النَّار، لا مفَرَّ من ذلك ! فأمَّا الذين ماتُوا على الكُفْر أو الشّرْك، فيَدْخُلُونها حَتْمًا خالدين فيها . وأمَّا الذين آمَنُوا بِما جاء به نَبيُّ زمانهم وماتُوا على ذلك ، فيَمُرُّون على الصّراط فوق جهنَّم ، ويَكُونُون بذلكَ قد وَردُوها مِن سَمائِها . فَمنهُم مَن يَسقُطُ فيها ، ومنهم مَن يَعْبُرُ بِمَشَقَّة ثمَّ يدخُلُ الجنَّة ، ومنهم مَن يجتازُ كالبرق حتَّى يدخُل الجنَّة .

    وقد روى الإمام أحمد في مُسْنَده عن عائشة رضي الله عنها ، قالَتْ : قلتُ : يا رسولَ الله ، هل يَذْكُرُ الحبيبُ حبيبَهُ يوم القيامة ؟
    قال : يا عائشة ، أمَّا عند ثلاثٍ ، فلا :

    - أمَّا عند الميزان ، حتَّى يَثْقُلَ أو يَخِفَّ ، فلا .
    - وأمَّا عند تَطايُر الكُتُب ، فإمَّا أن يُعْطَى بِيَمينه أو يُعْطَى بِشِمالِه ، فلا .
    - وحينَ يَخْرُجُ عُنُقٌ من النَّار فَيَنْطَوي عليهم ويَتَغَيَّظُ عليهم ، ويقولُ ذلك العُنُق : وُكّلْتُ بثلاثة : وُكّلْتُ بِمَن ادَّعَى مع الله إلَهًا آخَر ، ووُكّلْتُ بِمَن لا يُؤمِنُ بِيَوم الحساب ، ووُكّلْتُ بكُلّ جَبَّار عنيد . فَيَنطوي عليهم ويَرمي بهم في غَمَراتِ جَهَنَّم .

    ولِجَهَنَّم جِسْرٌ (وهو الصّراط) أدَقّ من الشَّعْر وأَحَدّ من السَّيف ، عليه كلاليب وحسك (أي أشواك) ، يأخُذُون مَن شاء الله . والنَّاسُ عليه كالطَّرْف ، وكالبَرق ، وكالرّيح ، وكأجاويد الخيل والرّكاب . والملائكَةُ (وفي روايَات أخرى : والأنبياء) يقُولُون : رَبّ سَلّمْ ، رَبّ سَلّمْ . فَنَاجٍ مُسَلَّم ، ومَخْدُوش مُسَلَّم ، ومُكَوَّر (أو مَكْبُوب) في النَّار على وَجْهه . (مسند الإمام أحمد بن حنبل - الجزء 6 - ص 110 - رقم الحديث 24837) .

    فَالكُفَّارُ والمشركُون إذًا ، إمَّا كُلُّهم وإمَّا بعضُهم ، لا يَمُرُّون فوق الصّراط ، وإنَّما يَختطِفُهم عُنُقٌ من النَّار قبل ذلك ، فيَسبِق بهم قبل غيرهم إلى ظُلُمات جهنَّم خالدين فيها . ومِن هؤلاء : المسيحيّون الذين عَبَدُوا المسيح عليه السَّلام . ومِن هؤلاء أيضًا : كلُّ مَن لَم يدخُل في الإسلام بعد نُبُوَّة محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم .
    وإذا كان بعضُ هؤلاء سَيَمُرُّون فوق الصّراط ، فإنَّهم ما أن يَضَعُوا أوَّل قَدمِهم عليه حتَّى يَسقُطُوا مباشرةً في جهنَّم .

    أمَّا الذين آمَنُوا بما جاء به نَبيُّ زمانهم وماتُوا على دين الله ، فهؤلاء فيهم التَّقيُّ وفيهم ضعيف الإيمان ، فَيُجْمَعُونَ في مكانٍ مُظْلِمٍ قَبْل الصّراط ، ثمَّ تُوَزَّعُ عليهم أنوارٌ بِحَسَب إيمان كُلّ عبدٍ وعَمَله . فَمِنْهُم مَن يُعطَى نُورًا مثل الجبال ، ومِنْهُم مَنْ يكُون نُورُه على قَدْر قامَته ، ومِنْهُم مَن لا يتجاوزُ نورُهُ إصبع قدَمه ، كلٌّ على قدْر عَمَلِه في الدُّنيا . ثمَّ يُؤمَرون بالمرور فوق الصّراط .

    وقد روى الحاكم في مُستَدركه حديثًا طويلاً عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال : ... ثمَّ يُؤمَرُون (أي المؤمنون) ، فَيَرفَعُون رُؤُوسَهم ، فَيُعْطَوْن نُورَهُم على قَدْر أعمالِهم . فَمِنْهُم مَن يُعطى نُورَه مثلَ الجبَل بين يَديْه ، ومِنْهُم مَن يُعطَى نُورَهُ دون ذلك ، ومِنْهُم مَن يُعطَى نُورَه مثل النَّخلة بِيَمينه ، ومِنْهُم مَن يُعْطَى دون ذلك ، حتَّى يكون آخر ذلك يُعطَى نُورَه على إبهام قَدَمه ، يُضيءُ مَرَّة ويَطفأُ مَرَّة ، فإذا أضاء قدَّم قَدَمه، وإذا طَفئ قام .

    فَيَمُرُّون على الصّراط ، والصّراطُ كَحَدّ السَّيف ، دَحْضٌ مَزَلَّة (أي تَزَلُّ عليه الأقدام ولا تَثْبُت) . فيُقال : انْجُوا على قَدْر نُورِكُم . فَمِنْهُم مَن يَمُرُّ كانْقِضَاض الكوكب ، ومِنْهُم مَن يَمُرُّ كالطّرْف (أي كالخيل)، ومِنْهُم مَن يَمُرُّ كالرّيح، ومِنْهُم مَن يَمُرُّ كَشَدّ الرَّجُل يَرْمُلُ رَمْلاً . فَيَمُرُّون على قَدْر أعْمالِهم، حتَّى يَمُرُّ الذي نُورُه على إبْهام قَدَمه يَجُرُّ يَدًا وتَعْلَقُ يَدٌ ، ويَجُرُّ رِجْلاً وتَعْلَقُ رِجْلٌ ، فَتُصِيبُ جَوانِبَهُ النَّار . فيَخْلُصُون ، فإذا خَلَصُوا قالُوا : الحمدُ لِلَّه الذي نَجَّانَا مِنْكِ بعد إذ رأيْنَاكِ ، فقد أعطانَا اللهُ ما لَم يُعْطِ أحدًا ! (المستدرك على الصّحيحين - الجزء 4 - ص 632 - رقم الحديث 8751) .

    وقد ذكَر العُلَماء أنَّ أوَّل مَن يَجُوز الصّرطَ هو النّبيّ محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم ومَنْ آمن به ، ثمَّ يَجُوز كلُّ نَبيٍّ بِمَن آمن به ، ولا يَتكلَّمُ يومئذٍ إلاَّ الأنبياء ، وكلامُهم : اللّهمّ سَلّمْ ، سَلّمْ !

    وروى الإمام البُخاري في صحيحه حديثًا شاملاً عن أبي هُرَيْرة رضي الله عنه ، قال : قال أُناسٌ : يا رسولَ الله ، هل نَرى ربَّنا يوم القيامة ؟ فقال : هل تُضَارُون في الشَّمس ليس دُونَها سَحاب ؟ قالُوا : لا ، يا رسولَ الله ! قال : هل تُضَارُون في القَمر ليلَة البَدْر ليسَ دونَه سَحاب ؟ قالُوا : لا ، يا رسولَ الله ! قال : فإنَّكُم تَرَوْنَهُ يومَ القيامة كذلك .

    يَجمعُ الله النَّاسَ ، فيقولُ : مَن كان يَعبُدُ شيئًا فَلْيَتَّبِعْهُ . فَيَتَّبِعُ مَن كانَ يَعبُدُ الشَّمْسَ (الشَّمس)، ويَتَّبِعُ مَن كانَ يَعْبُدُ القَمَرَ (القَمَر) ، ويَتَّبِعُ مَن كانَ يَعْبُدُ الطَّواغيتَ (الطَّواغيت). وتَبقَى هذه الأمَّة، فيها مُنافقوها . فيَأتيهُم الله في غير الصُّورة التي يَعْرِفُون (أي في غير الصُّورة التي رأوهُ فيها عند العرض والحساب) ، فيقُول : أنا ربُّكُم . فيقُولُون : نعوذُ بالله منكَ ، هذا مكانُنا حتَّى يأتينا ربُّنا ، فإذا أتانَا رَبُّنَا عَرَفْنَاه . فيأتيهم الله في الصُّورة التي يَعْرِفُون ، فيقُول : أنا رَبُّكُم . فيقُولُون : أنتَ رَبُّنَا ، فَيَتَّبِعُونَه .

    ويُضْرَبُ جِسْرُ جهنَّم (وفي رواية أخرى للبخاري : ويُضْرَبُ الصّراطُ بَينَ ظَهْرَيْ جهنَّم)، فأكونُ (وفي رواية أخرى للبخاري : فأكُونُ أنا وأمَّتي) أوَّل مَن يجيز . ودُعاءُ الرُّسُلِ يَومئذٍ : اللّهمّ سَلّمْ سَلّمْ (وفي رواية أخرى للبخاري : ولا يَتَكَلَّمُ يَومئذٍ إلاَّ الرُّسُل ، ودَعْوَى الرُّسُلِ يَومئذٍ : اللّهمّ سَلّمْ سَلّمْ).

    وبه (أي الصّراط) كلاليب مثلَ شَوْك السَّعْدان، أما رأيتُم شَوْك السَّعْدان ؟ قالُوا : بَلَى ، يا رسولَ الله ! قال : فإنَّها مثلَ شَوْك السَّعْدان ، غير أنَّها لا يَعْلَمُ قدر عِظَمها إلاَّ الله . فتخطفُ النَّاسَ بأعمالِهم ، مِنْهُم الموبقُ بِعَمَله ، ومِنْهُم المخَرْدَل ثمَّ يَنْجُو .

    حتَّى إذا فَرغَ اللهُ من القضاء بين عباده وأراد أن يُخْرِجَ مِن النَّار مَن أرادَ أن يُخْرِج ، مِمَّنْ كان يَشْهَدُ أن لا إلهَ إلاَّ الله ، أمَرَ الملائكَةَ أن يُخْرِجُوهم ، فَيَعْرِفُونَهم بعَلامَة آثَار السُّجُود ، وحرَّمَ الله على النَّار أن تأكُلَ مِن ابن آدمَ أثَرَ السُّجُود . فيُخْرجُونَهُم قد امتحشُوا ، فَيُصَبّ عليهم ماءٌ يُقالُ له ماء الحياة ، فيَنْبُتُون نَبَاتَ الحبَّة في حميل السَّيْل .

    ويَبْقَى رجُلٌ مُقْبِلٌ بِوَجْهِه على النَّار ، فيقُول : يا رَبّ ، قد قشبَني ريحُها وأحْرَقَني ذكاؤُها ، فاصْرِفْ وَجْهي عن النَّار . فلا يَزالُ يَدْعُو اللهَ ، فيقُولُ (أي الله) : لعلَّكَ إن أَعْطَيْتُكَ (ذلكَ) أن تسألَني غيْرَه ؟ فيقُول : لا ، وعِزَّتك لا أسألُكَ غَيْرَه ! فَيَصْرِفُ وَجْهَهُ عن النَّار . ثمَّ يقُول بعد ذلك : يا رَبّ ، قَرّبْنِي إلى باب الجنَّة ، فيقُولُ (أي الله) : ألَيْسَ قد زَعَمْتَ أن لا تسألَني غيرَه ؟! وَيْلَكَ يا ابنَ آدم ما أغْدَرَك ! فلا يَزَالُ يَدْعُو ، فيقُول (أي الله) : لَعَلّي إن أَعْطَيْتُكَ ذلكَ تَسْألُني غيْرَه ؟ فيقُول : لا ، وعِزَّتك لا أسألُكَ غَيْرَه ! فيُعْطِي اللهَ مِن عُهُودٍ ومَواثيقَ أن لا يَسْألَهُ غَيْرَه . فَيُقَرّبُهُ إلى باب الجنَّة ، فإذا رأى ما فيها سَكَتَ ما شاء الله أن يَسْكُت ، ثمَّ يقُول : رَبّ ، أدْخِلْنِي الجنَّة ! فيقُولُ (أي الله) : أَوَ لَيْسَ قد زعَمْتَ أن لا تسألَني غيرَه ؟! وَيْلَكَ يا ابنَ آدَم ما أغْدَرَك ! فيَقُول : يا رَبّ ، لا تَجْعَلْني أشْقَى خَلْقِك ! فلا يَزالُ يَدْعُو حتَّى يَضْحَكَ (الله منه) ، فإذا ضَحِكَ منه أذِنَ له بالدُّخُول فيها . فإذا دَخَلَها ، قيلَ : تَمَنَّ مِن كَذَا ، فَيَتَمَنَّى ، ثمَّ يُقالُ له : تَمَنَّ مِن كَذَا ، فَيَتَمَنَّى حتَّى تَنْقَطِعَ به الأماني . فيَقُول له : هذا لَك ، ومِثْلَه معه (وفي رواية عن أبي سعيد الخدري : هذا لكَ ، وعَشْرة أمثاله مِثْلَه معه) !

    قال أبو هُرَيْرَة : وذلكَ الرَّجُلُ (هو) آخر أهل الجنَّة دُخُولاً (الجنَّة) . (الجامع الصّحيح المختصر - الجزء 5 - ص 2403 - رقم الحديث 6204) . (يتبع ...)


    ارجو من الجميع الدعاء لى بالشهادة فى سبيل الله وان يتقبل روحى وجسدى مقاب رفع رايه لا اله الا الله محمد رسول الله فاللهم ارزقنى الشهادة اللهم ارزقنى الشهادة اللهم الشهادة اللهم امين وان يتغمدنى برحمته وان يدخلنى الجنه بلا حساب ولا سابقه عذاب اللهم امين بالله عليكم الدعاء

  • #2
    مشكور اخى العزيز

    تعليق


    • #3
      جزاك الله خيرا وجعله فى ميزان حسناتك

      تعليق

      يعمل...
      X