كلمة عن الرّياح

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كلمة عن الرّياح

    كلمة عن الرّياح


    للقرآن الكريم تَسميَات خاصَّة للرّيح بِحَسب ما تحمِلُه : فإذا كانت تحملُ النَّفعَ والخيرَ للعباد ، يُسمّيها القرآنُ : رياحًا ، بصيغة الجمع .

    وإذا كانت تحملُ البلاءَ والعذاب ، يُسمّيها القرآن : ريحًا ، بصيغة المفرد ، أو حاصبًا ، أو غير ذلك من التَّسميات التي تُدخِلُ الخوفَ والرُّعبَ على النَّفس .

    يقول تعالى عن الرّياح : { وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ 57 } (7- الأعراف 57) .

    ويقول تعالى : { وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ 22 } (15- الحجر 22) .
    فهي إذًا رياحُ خَير وفائدة للعباد .

    أمَّا عن الرّيح ، فيقول الله تعالى : { فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ الله الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآياتِنَا يَجْحَدُونَ 15 فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ 16 } (41- فصّلت 15-16) .

    ويقول تعالى : { أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلاً 68 أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا 69 } (17- الإسراء 68-69) .

    فهي إذًا ريحُ عذاب ، تُدَمّرُ كلَّ شيء .

    مرَّة واحدة ذكَر فيها القرآنُ الرّيحَ بصيغة المفرد ، ومع ذلك وصفَها بأنَّها طيّبة ! ذلك أنَّها كانت تسبقُ ريحَ عذاب آتية بعدَها مباشرة !

    يقول الله تعالى : { هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ 22 } (10- يونس 22) .

    رياحُ الرَّحمة إذًا ، وريحُ العذاب ، هي جنودٌ لا تأْتَمِرُ إلاَّ بأَمْر خالقها ، يُرسلُها اللهُ وَقْتَ ما يشاء ، فيُصيبُ بها مَنْ يشاء . فهل يستطيع أحدٌ أن يقف أمام إرادة الله ؟!

    لا أحد يستطيع ذلك ، وقد ادَّعى بعضُ المغرورين الاستطاعة ، فأصابَهُم الله بعذابٍ مُزَلْزِل من عنده ، لم يَنفعْ في رَدّه عنهُم عتادٌ ولا جاهٌ ولا سُلْطان !

    يقول اللّه تعالى : { الْحَاقَّةُ 1 مَا الْحَاقَّةُ 2 وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ 3 كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ 4 فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ 5 وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ 6 سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ 7 فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ 8 } (69- الحاقّة 1-8) .

    متَى سنأخذ العبرة إذًا من قصص السَّابقين ؟!

    بل ، متَى سنعودُ إلى الله ونتوبُ إليه من الكُفر والجحود، ونحنُ نعيشُ في عَصْرٍ كثُرتْ فيه الحرائقُ والزَّلازلُ والأعاصيرُ المدمّرة ؟!
يعمل...
X