موج من فوقه موج ، وظلمات بعضها فوق بعض

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • موج من فوقه موج ، وظلمات بعضها فوق بعض

    موج من فوقه موج ، وظلمات بعضها فوق بعض


    لم يكُن الإنسان في العصور الماضية يستطيع النُّزول إلاَّ لبضعة أمتار في البحر . ثمَّ أصبح يرتدي بَدْلة غَوْص ويحملُ أنبوبة أكسيجين فوق ظهره ، فوَصَل إلى عُمْق أكبر بقليل ، بضعة أمتار أخرى فقط لأنَّه لم يستطع تحمُّل ضغط الماء . ومع مجيء عصر الغوَّاصات ، أصبح الإنسان ينزل إلى بضعة كيلومترات في أعماق البحار والمحيطات التي يصل عمقها أحيانًا إلى 11 كلم .

    وكانت دهشة العلماء كبيرة عندما اكتشفوا خلال القرن الماضي أنَّ البحار طبقاتٌ بعضُها فوق بعض !

    نعم ، فهناكَ طبقة البحر السَّطحي الدَّافئ والمُنار بأشعَّة الشَّمس ، وهناك طبقة البحر العميق الذي يمتاز بالبُرودة والظُّلمة ، وبين الطَّبقتين هناك حاجزٌ مِن موج داخلي ، يَمنع اختلاط ماء البحرين ، ويَمنع حتَّى الحيوانات البحريَّة من الانتقال من طبقة لأخرى أو من بحر لآخر !

    هذا ما قاله العلماء ، فماذا قال القرآن الكريم في هذا الموضوع ؟

    يقول الله تعالى : { أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ الله لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ 40 } (24- النّور 40) .

    ففي هذه الآية ، ذكَر الله تعالى بحرًا لُجّيّا (أي عميقًا) ، مِن فَوْقه موجٌ (هو الموج الدَّاخلي) ، مِن فوقه موجٌ (هو موج البحر السَّطحي) ، مِن فوقه سحابٌ (وهو الذي في السَّماء) . أليس هذا بالضَّبط ما تَوَصَّل إليه العلَماء ؟!

    بل إنَّ القرآن ذكَر أيضًا ظاهرةً أخرى في البحار العميقة ، وهي وجود ظُلُماتٍ بعضها فوق بعض . وهذه الظَّاهرة لم يكتشفها العلماء إلاَّ في القرن العشرين أيضًا ، عندما استعملُوا الغوَّاصات في النُّزول إلى أعماق البحار . فقد لاحظُوا بالفعل أنَّ درجة الضَّوء تحت الماء تنقص كلَّما نزلُوا إلى عُمق أكبر ، حتَّى تنعدم تمامًا .

    وتفسير ذلك أنَّ ضوء الشَّمس المكَوَّن من سبعة أطياف ، يُضيء كلُّه سطحَ البحر ، إلى حوالي عُمق 10 أمتار ، ثمَّ يُمتَصُّ الطَّيفُ الأحمر ، فلا يُرى بعد هذا العُمق ، وتنقُص بذلك درجة الإضاءة . ثمَّ ، كلَّما غاص الإنسانُ في البحر أكثر ، كلَّما غاب طيفٌ آخر ، وكلَّما ازدادت الظُّلمة أكثر ، حتَّى ينعدم الضَّوء تمامًا بعد عُمق حوالي ألف متر .

    أسأل اللهَ أن يجعل لك نورًا يقودك إلى معرفة الدّين الحقّ ، لأنَّ الذي لم يجعل اللهُ له نورًا فما له من نُور ، كما ذكَرَت الآيةُ السَّابقة .
يعمل...
X