فكسونا العظام لحما

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • فكسونا العظام لحما

    فكسونا العظام لحما


    سنتحدَّث هنا عن خَلْقِنَا نحن وكيف جئنا لهذا الوجود .

    نقطةُ البدء هي طبعًا جماعٌ بين الرَّجل وزوجته ، فيقذفُ ماءَه في عنق رَحِمِها . فهل تعلم كم يحتوي هذا الماء من حيوان منوي ؟
    مائة ؟ ألف ؟ مليون ؟

    إنَّه يحتوي على حوالي أربعمائة مليون حيوان منوي ، كلُّها تمضي في سباقٍ نحو بُوَيْضة المرأة لِتَلْقيحها ، فلا يصلُ في الأخير إلاَّ حيوانٌ منوي واحد فقط ، الأقوى والأفضل ، ويموتُ كلُّ الباقين !

    ويتمُّ التَّلاقح ، ويبدأ الجنين رحلَته في التَّخلُّق . فيكون في البداية عَلَقة ، قيل لأنَّه يتعلَّق ويلتصق بجدار الرَّحِم ، وقيل لأنَّه على شكل العَلَقة ، وهي دودة صغيرة تعيش في بركة الماء وتمتصُّ دماء كائنات أخرى . وفي هذه المرحلة تتكوَّن المشيمة ، ويتكوَّن معها معلاق يتعلَّق فيه الجنين . هذا المعلاق يتحوَّل فيما بعد إلى حَبْل سُرّي ، يستمدُّ الجنينُ عَبْرَه الغذاءَ والأكسيجين وموادّ المناعة ضدَّ الأمراض ، ويَطرد المخلَّفات الضَّارَّة .

    ثمَّ يتحوَّل الجنين إلى مرحلة المضغة ، فَيبدو فعلاً وكأنَّه مُضغة مَضَغها إنسانٌ وقَذفها ، فبدَتْ فيها أسنانُه . وتبدأ عمليَّة التَّخلُّق في الطَّبقة الباطنيَّة للمضغة ، بينما تبقى الطَّبقة السَّطحيَّة غير مخلَّقة بعد .

    وهنا ، لنا وقفةٌ مع القرآن الكريم . يقول الله تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ 5 ذَلِكَ بِأَنَّ الله هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ 6 وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ الله يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ 7 } (22- الحجّ 5-7) .

    انتبه أيّها الزّائر الكريم ! إنَّ هذه الآيات نزلَتْ منذ حوالي أربعة عشر قرنًا ، وتتحدَّث عن معلومات دقيقة عن مراحل تطوُّر الجنين ، لم يتمَّ اكتشافها إلاَّ خلال القرن العشرين بواسطة آلات غاية في الدّقَّة !

    بل إنَّها ذكَرتْ أيضًا أنَّ الإنسان مخلوق من تراب ! وقد أثبت العلم الحديثُ فعلاً أنَّ جسم الإنسان يتركَّب من عدَّة عناصر موجودة في التُّراب ، مثل : الحديد والكالسيوم والماغنسيوم ، وغيرها .

    أليس في هذا إذًا دليلٌ علمي قويّ على أنَّ هذه الآيات ليست من صُنع بَشر ، وإنَّما هي كلامُ الله الذي خَلَقني وخلَقك ؟

    وإذا كان الأمر كذلك ، أليس من المنطق أن نُصدّق كلَّ ما جاء فيها ، أي أنَّ الله قادرٌ على كلّ شيء ، وأنَّه سوف يُحيينا بعد موتنا لِيُحاسبنا على أفعالنا ؟

    نعود إلى مراحل تطوُّر الجنين :
    فبَعْد المضغة ، ينتقل الجنين إلى مرحلة العظام ، ليأخذ شكل الهيكل العظمي . ثمَّ تبدأ العضلات بالظُّهور ، ويبدأ اللَّحم يُحيط بالعظام ويكْسُوها كما يكسو الثَّوبُ البَدَن . وهنا لا بُدَّ من ملاحظة أنَّ علماء الأجنَّة كانُوا إلى وقت قريب مُجْمِعين على أنَّ المضغة تتحوَّل إلى لحم ، ثمَّ تبدأ العظامُ بالظُّهور . لكنَّهم ، وبعد دراسات مخبريَّة طويلة ودقيقة جدّا ، اكتشفُوا أنَّ العكس هو الصَّحيح ، أي أنَّ العظام تتكوَّن قبل اللَّحم !

    فهل تعلم أنَّ القرآن سَبَقهم إلى الإعلان عن هذه الحقيقة منذ حوالي أربعة عشر قرنا ؟!

    استمع معي : يقول الله تعالى : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ 12 ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ 13 ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ 14 ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ 15 ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ 16 } (23- المؤمنون 12-16) .

    لقد سمع أحد علماء الأجنَّة الغربيّين هذه الآيات ، فبُهتَ ثمَّ قال : لو كان هذا القرآن عندنا ، نحن المسيحيّون ، لأقَمْنا الدُّنيا ولم نُقعدها !

    حتَّى العبارات التي تَفرَّد بها القرآنُ لِتَسميَة الجنين في كلّ مرحلة (علقة ، مضغة ، فكسونا العظام لحمًا ، ثمَّ أنشأناه خلقًا آخر) ، هي من الدّقَّة العلميَّة بحيث أدهشَتْ عُلماء هذا العصر !
    وقد عُرضتْ هذه الآياتُ القرآنيَّة وغيرها على Keith Moore، أستاذ في الجراحة وعلْم الأجنَّة في جامعة تورنتو بكندا ، وصاحب كتاب The Developing Human الذي يُعتبر من أفضل المراجع العلميَّة في هذا الميدان ، فكانت دهشة الأستاذ كبيرة ، عبَّر عنها قائلاً في المؤتمر الطّبّي السَّابع بالدَّمَّام بالسّعوديَّة سنة 1981 م : كيف أمكن لمحمَّد أن يصف منذ حوالي 1400 سنة تطوُّر الجنين بدقَّة تامَّة ، بينما لم يتوصَّل العلماء إلى اكتشافه إلاَّ منذ 30 سنة فقط ؟!

    ثمَّ إنَّه أخذ صورةً لِجَنين في مرحلة العلَقة ووضعها بجانب صورة علَقة ، وهي الدُّودة التي تعيش في الماء ، فوَجَد بينهما تشابُهًا تامّا في الشَّكْل ! وأخذ صورة ثانية لِجَنين في مرحلة المضغة ووضعها بجانب قطعة عجين مَضغها في فَمه حتَّى بدتْ فيها أسنانُه ، فوَجَد أيضًا بينهما تشابُهًا كبيرًا في الشَّكْل !

    وقد نشرت بعضُ الجرائد الكنديّة مقالات لـ Keith Moore عن توافق الآيات القرآنيَّة مع آخر الاكتشافات العلميَّة ، وخصَّصت له التَّلفزة عدَّة حصص من برامجها للحديث عن هذا الأمر . ولَمَّا سُئِل : هل تعتقد أنّ القرآن كلام الله ؟ أجاب : لم أجدْ أيّة صعوبة في الإقرار بذلك .
    فقيلَ له : كيف ، وأنت تؤمن بالمسيح ؟!
    فقال : أعتقد أنَّهما ينحدران من مدرسة واحدة .

    ثمَّ إنَّه سَمحَ لِلَجنة من العلماء المسلمين أن يُضيفوا الآيات القرآنيَّة وأحاديث النَّبيّ محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم الخاصَّة بتطوُّر الجنين ، إلى الأماكن المناسِبَة في كتابه عن تطوُّر الإنسان ، وطُبع الكتابُ في إصدار جديد مشتملاً على هذه الإضافات . (ويمكن الرُّجوع في هذا الموضوع إلى شريط فيديوThis is the Truth وكتاب Ceci est la Vérité Editions IQRA) .

    نعم ، أنَّى لِمُحمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم أن يأتي بهذه المعلومات ، إن لم يكن اللهُ تعالى هو الذي أوحى له بذلك ؟!

    ولم ينسَ القرآنُ ذكْر مرحلتين أساسيَّتين بعد الولادة ، وهما :
    - الموت ، وهي الحقيقة التي لا يستطيع أحدٌ إنكارها .
    - والبعث يوم القيامة ، الذي ينقسم فيه النَّاس إلى مؤمن ، وشاكّ ، ومُنكِر .

    فهل يقبلُ العقلُ أن نُقرَّ بإعجاز الآيات التي تحدَّثتْ عن مراحل تطوُّر الجنين ، ثمَّ نُنكر الآيات التي ذكرتْ أنَّ بعد الموت بعثًا ونشورًا ؟! (يتبع ...)
يعمل...
X