الهــوى آفــةُ النفـــس

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الهــوى آفــةُ النفـــس

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    قال الإمام ابن القيم في روضة المحبين : الهوى ميل النفس إلى ما يلائمها ، وهذا الميل خلق في الإنسان لضرورة بقائه ، فإنه لولا ميله إلى المطعم والمشرب والمنكح ما أكل ولا شرب ولا نكح . فالهوى ساحب له لما يريده ، كما أن الغضب دافع عنه ما يؤذيه ، فلا ينبغي ذم الهوى مطلقا ولا مدحه مطلقا ، وإنما يذم المفرط من النوعين وهو ما زاد على جلب المنافع ودفع المضار


    وقيل في تعريف مشابه : هو ميل النفس إلى الشىء يقال:هذا هوى فلان وفلانة هواه رأى مهويته ومحبوبته وأكثر ما يستعمل في الحب المذموم كما قال تعالى : ( وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى ) النازعات (40-41) ويقال إنما سمي هوى لأنه يهوي بصاحبه. فالهوى إذاً ميل الطبع إلى ما يلائمه كما قال ابن الجوزى وابن القيم , وهو أيضاً ميل النفس إلى الشهوة.


    قال تعالى : ( فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً }النساء135


    وقال سبحانه : ( وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ }ص26


    وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " أخوف ما أخاف عليكم شهوات الغي في بطونكم وفروجكم ومضلات الهوى " .


    وقال علي-رضي الله عنه- : إن أخوف ما أخاف عليكم اتباع الهوى وطول الأمل،أما اتباع الهوى فيصد عن الحق ، وأما طول الأمل فينسي الآخرة


    وقال بعض السلف: إذا أشكل عليك أمر أن لا تدري أيهما أرشد فخالف أقربهما من هواك ، فإن أقرب ما يكون الخطأ في متابعة الهوى .


    وقال بشرالحافي رحمه الله ورضي عنه : البلاء كله في هواك . والشفاء كله في مخالفتك إياه . .


    وقد قيل للحسن البصري رحمه الله : يا أبا سعيد أي الجهاد أفضل؟ قال جهادك هواك.


    قال الإمام المحقق ابن القيم: وسمعت شيخنا يعني شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول : جهاد النفس والهوى أصل جهاد الكفار والمنافقين ، فإنه لا يقدر على جهادهم حتى يجاهد نفسه وهواه أولا حتى يخرج إليهم ، فمن قهر هواه عز وساد ، ومن قهره هواه ذل وهان وهلك وباد


    وقال ابن المبارك:
    ومن البلاء وللبلاء علامة
    أن لا يُرى لك عن هواك نزوع
    العبد عبد النفس في شهواتها
    والحر يشبع تارة ويجوع


    فيا أيها الأحبة


    ما تقدم من آيات وأحاديث وأقوال للسلف الصالح هـي في ذم الهـوى وما ينتج عنه من صد عن الحق و اتباع للباطل


    فمن أبتلي بهذا الداء الدفين والمرض العضـال فإنه لا يـرى الحق إلا فيمـا أُشرب هواه , فكل أمـرٍ أُشرب هواه هو الحق والصواب , وإن أتيته بكل آية ما تبع قـولك ...


    فما أقبح الهـوى , وما أشد ما يفتك بصاحبه , حتى يصده عن الحق وإن كان واضحاً وضوح الشمس أبلجاً ,, وليس ذاك إلا لأن الهوى يورث الكبر ـ في القلب ـ عن قبول الحق , فترى من أبتلي بذلك الداء لا يقبل الحق وإن أوضحت له الحق بالآيات البينات والأحاديث النبوية , فلا يلبث أن يؤلها على هواه , ثم تأتيه بعد ذلك بأقوال أهل العلم الثقات لعلها تكون واعظاً لقلبه وشفاء له من سقمه , فلا يلبث أن يردها وهو من هو حتى يرد على أولئك الأفذاذ ,,, لكنه الكبر عن قبول الحق واتباع الهوى ...


    وليت الأمر يقتصر على ذلك ,, ولكن كما يقول المثل : أحشف وسوء كيل ( وهو يطلق على من يجمع بين صفتين قبيحة )


    ياليت أهل الأهواء اكتفوا بأنفسهم ولكن الهـوى آفة ليس بعدها آفة


    فلا تلبث أن تراهم يفتنوا الناس بأهوائهم ,, فتراهم يتصدرون المجالس وساحات المنتديات والحوار ليقنعوا الناس ـ بما أُتوه من منطق ـ بأهوائهم وصدق الحق سبحانه وتعالى حينما قال : (وَإِنَّ كَثِيراً لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ }الأنعام119 وقال تعالى : {وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ }المائدة49


    .
    ولن أنسى تلك الأخت التي من المحزن جداً أن تكون من طلاب العلم فتفتن الناس بما تملكه من قواعد فقهيه حتى تقنع الناس وتزين الباطل بدعوى الحق وما هو من الحق بقريب


    لن أنسى ذلك المقال الذي كتبته عن الإحتفال بأعياد الميلاد والزواج وغيرها من الأعياد التي حرم أهل العلم الثقات الإحتفال بها , فإذا هي تتكلم في مقالها عن جواز الإحتفال بأمثال هذه الأعياد مجملة ذلك بمعسول الكلام حتى تزيف الحق ,, وحتى ينقاد الناس لقولها ذكرت أنها تحتفل بتلك الأعياد وتساعد في إقامة تلك الحفلات ,,, فما تظنون من العوام حينما يرون من يدعي أنه طالب علم يفعل ذلك الفعل ؟؟ بالطبع سيتبادر إلى أذهانهم أنه الحق إلا من أوتي علماً يدفع به الشبهات


    فإذا برواد تلك المدونة الذي جلهم من العوام كما يظهر , فإذا بهم يفرحون بذلك المقال أيما فرح ليس لشئ !! إلا لأنه أُشرب هواهم وأتـى ممن يتكلم باسم الدين ولعمر الله إنها لبلية ليس بعدها بلية ,, وما علموا أن ذمتهم لا تبرأ عند الله إلا بسؤال أهل العلم الثقات الذين قال الله فيهم ( فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ }الأنبياء7


    فأرسلت لأحد العلماء رابط ذلك المقال لعله يرد عليها , فاستاء مما كتبت تلك الأخت وما أعقب ذلك المقال من ردود ,,, فرد عليها مشكوراً مأجوراً وبين لها بالأحاديث القاطعة تحريم هذه الأعياد والإحتفال بها ,, ولكنها أبت وتكبرت عن قبول الحق ممن هو أعلم منها وأخذت تجادله , قلت في نفسي : ما فعلت ذلك إلا لأن ذلك الأمر أُشرب هواها


    ولن أنسى جملة قالها الشيخ لها ـ لعلها تكون لها واعظاً ـ قال ـ حفظه الله ـ


    إن المـرء إذا فعل المعصية بينه وبين نفسه فهو أهون بمرات ومرات من أن ينشر ذلك على شاشة يُطالعها الملايين ـ أو كما قال حفظه الله ـ



    و ما أظن أن أمة الإسلام بُليت ببلية مثل بليتها بأصحاب الأهواء الذين يتصدرون المجالس وساحات المنتديات والحوار ليقنعوا الناس بأهوائهم ,,, فلا يغرنكم هؤلاء ....



    فيا أيها الأحبة


    إن الإخلاص كل الإخلاص أن يطلب المرء وينشد الحق ولا يتكبر عن قبوله ممن كان ,, فمن كان كذلك فحري أن يطرح الله له القبول في الأرض ...


    ودائماً ما نسمع الشيخ ابن عثيمين عليه رحمة الله يردد في أشرطته يعلم تلاميذه فيقول :


    ( الرجال يعرفون بالدين وليس الدين يعرف بالرجال )


    وكل إنسان يؤخذ منه ويرد إلا النبي صلى الله عليه وسلم



    فيا أيها الأحبة

    لا يغرنكم أهل الأهواء , وتحروا أخذ العلم الشرعي والأحكام الفقهية من مصادرها من علماء ربانيون هم معذورن بالإجتهاد إن أخطأ أحدهم ,,, أما العوام فلا يجوز ولا يحق لهم الإجتهاد من تلقاء أنفسهم وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( من أُفتي بغير علم كان إثم ذلك على الذي أفتاه )


    يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي
    كان السلف ينكرون أشد الإنكار على من اقتحم حمى الفتوى ولم يتأهل لها، ويعتبرون ذلك ثلمة في الإسلام، ومنكرا عظيما يجب أن يمنع


    ألا فليتب إلى الله أولئك القوم , وليعلموا أنهم واردون على الله عز وجل في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم قال تعالى : {لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ }النحل25


    ولن تجد علاجاً لأصحاب الأهواء ولو أتيتهم بكل آية مالم يكن لهم من أنفسهم واعظـــاً يخوفهم بالله ويذكرهم الآخرة


    فالأمر خطير جد خطير
    ألا هل بلغت اللهم فاشهد
    ألا هل بلغت اللهم فاشهد
    ألا هل بلغت اللهم فاشهد


    اللهم إنا نعوذ بك من مضلات الفتن , ونعوذ بك اللهم أن نضل غيرنا بعلم أو بغير علم


    والله نسأل أن يجعل عواقب أمورنـا إلى خيـر , وأن يختم بالصالحات أعمالنا وأعمارنا


    والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل أعجبك الموضوع...لا تقل شكرا...ولكن قل ...اللهم أغفر له و أرحمه وتجاوز عن سيئاته وأجعله من المحسنين لصاحب هذا العمل وشكرا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يعمل...
X