الخاتمه الكبري

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الخاتمه الكبري

    الخاتمه الكبرى





    بسم الله وبحمده

    (كلُّ نفسٍ ذائقة الموت )

    ولا أحد يضمن لنفسه في الدنيا لحظة

    فأنت قد تموت الآن في هذه اللحظة

    عندها تبدأ رحلتك الكُبرَى إلى دار القرار في جنَّةٍ أو نار

    لِتحصد نتائج أفعالك في دنياك

    ففي اللحظات الأولى من هذه القصَّة

    واللحظات الأخيرة من الدنيا

    يرَى الإنسان ما يُسعده أو يُرعبه

    بحسب غَلَبَة حسناته وذنوبه

    ثمَّ تخرج الروح ويبدأ التكريم أو التعذيب

    ويتمُّ الاختبار الأخير في البرزخ

    ثمَّ يكون روضةً من رياض الجنَّة مدَّ البصر

    فينام صاحبه سعيدًا منعَّما

    أو يكون حفرةً من النيران إلى يوم القيامة

    وفي ذلك البرزخ بين الدنيا والآخرة

    يُعذَّب الذي يمشي بالنميمة والذي لا يستتر من بوله

    فكيف بالذين لا يصلُّون الفجر في وقتها قبل طلوع الشمس؟

    وكيف بأصحاب الهوائيات والأطباق التلفزيونية؟

    وكيف بهاتكات الحجاب؟

    وكيف بالمتكبِّرين؟

    الذين إذا جاءهم الحقّ رفضوه بلا سببٍ مقبولٍ شرعا

    ويوم القيامة يوم يقوم الناس لربِّ العالمين

    شاخصةً أبصارهم، ذاهلةً عقولهم، فَزِعِين خائفين

    إلاَّ عباد الله المؤمنين المتَّقين الصالِحين

    (ألا إنَّ أولياء الله لا خوفٌ عليهِم ولا هم يحزنون،

    الذين آمَنوا وكانوا يتَّقون )

    ويوم القيامة خمسون ألف سنة تمرُّ على الناس بقدْر أعمالهم

    حتَّى تكون على عباد الله المتَّقين كساعةٍ من نهار

    وفي ذلك اليوم العظيم والهول الجسيم

    يوم البعث والحساب والجزاء، يوم القارعة والطامَّة الكُبرَى

    يقف الناس حفاةً عراةً تحت شمسٍ قريبةٍ شديدة

    والعرق يحيط بهم على قدْر تقصيرهم

    حتَّى يصل إلى رقابهم وأنوفهم

    ويصيبهم من الغمِّ والكرب الشديد

    ما لا يطيقون وما لا يحتمِلون

    إلاَّ عباد الله المتَّقين الذين استحقُّوا كَرَمَ ربِّهم ورحمته

    فيُلبسهم الملابس الجميلة، ويُجلِسهم المجالِس الكريمة

    تحتَ ظِلِّ عرشه

    ويسقيهم شَرْبةً من حوض نبيّه لا عَطَشَ بعدها أبدا

    فاحرص أنْ تكون منهم وأنْ تُحِبّهم وتجالسهم

    وفي تلك السنين الطويلة الشديدة

    وذلك الكرب العظيم يوم الحسرة والندامة

    يُعذَّب تارك الزكاة بكلِّ أمواله

    في يومٍ كان مقداره 50000 سنة

    وللمسبلين من الرجال يكون ما أسفل الكعبين في النار

    في يومٍ كان مقداره 50000 سنة

    ويتعلَّق الأبناء بآبائهم الذين ضيَّعوهم

    فأهملوا تربيتهم ونُصحهم وتوجيههم

    فيا للكرب الشديد

    (قل هل ننبِّئكم بالأخسرين أعمالا؟

    الذين ضَلَّ سعيهم في الحياة الدنيا

    وهم يحسبون أنَّهم يُحسنون صنعا )

    ويُعطَى آكل الربا سلاحًا لِيحارب الله به فيا لتعاسته وخسارته

    ومَن أكَلَ حرامًا مُلئ بطنه نارًا أو جمرًا من الجحيم

    {ولا يدخل الجنَّة لحمٌ غذِّي بحرام؛ النار أولى به}

    ومِن الحرام ما جاء بطَريقٍ أو سببٍ غير مشروع

    بكذبٍ أو تحايلٍ أو غصبٍ أو ظُلمٍ

    أو بغير رِضَى صاحبه وطيبة نفسه

    {وأكثر الناس شبعًا في الدنيا أطولهم جوعًا يوم القيامة}

    يومٌ طوله خمسون ألف سنة

    وهكذا وبعد انتظارٍ طويل

    تحلُّ الشفاعة ويبدأ الحساب وتتطاير الصحف

    وفيها كلُّ كلمةٍ قلتَها وكلُّ فِعلٍ ونِيَّةٍ ورغبةٍ ورهبةٍ وهمٍّ وظنّ

    فحاسِب نفسك عليها الآن

    قبل أن تُحاسَب عليها في ذلك اليوم الشديد

    {ليس أحدٌ يُحاسَب يوم القيامة إلاّ هلَك}

    {وليس أحدٌ يُناقَش الحساب يوم القيامة إلاّ عذِّب}

    فلا تكُن كالذين قال الله فيهم

    (وغرَّتكم الأماني حتَّى جاء أمرُ الله وغرَّكم بالله الغرور )

    فمحاسبة النفس واتهامها بالخطأ والتقصير وتقويمها

    مِن صفات العقلاء الأتقياء الصالحين

    ثمَّ يُسحَب الكفَّار ومِنهم تارك الصلاة وجاحد الزكاة

    على وجوههم بالسلاسل إلى الجحيم خالِدين فيها أبدا

    ولو قالوا: لا إله إلاَّ الله، ليلاً ونهارا

    ويُنصب الصراط فوق جهنَّم وهو جسرٌ دحضٌ مَزَلَّةٌ

    أدقُّ من الشعر وأحدُّ من السيف طوله عشرات السنين

    يعبُرُ فوقه المؤمنون إلى أرضِ الأعراف بين الجنَّة والنار

    تدفعهم حسناتهم وتُثقلهم ذنوبهم

    فينطلقون فوقه بقدرِ مسارعتهم إلى الخيرات وفِعْل الواجبات

    وبقدرِ ابتعادهم عن الذنوب والشبهات

    فأوَّلهم يجتازه كطرف العين أو كلمح البرق

    وبعضهم كالريح أو كالطير أو كالخيل أو يجري أو يمشي

    أو يزحفُ على بطنه ويسقط ويتعلَّق وتلفحه النار وتخدشه الكلاليب

    جزاء تفريطه وتقصيره في حقِّ ربِّه

    وحقِّ نفسه وأهله ورعيَّته

    فيا لَه مِن هولٍ عظيم وكَربٍ شديد ومشهدٍ فضيع مخيف

    فوق جهنَّم لِسنين طويلة

    والناس عنه غافلون متساهلون أو معاندون

    (ألا يظنُّ أولَئِك أنَّهم مبعوثون، ليومٍ عظيم،

    يوم يقوم الناس لِربِّ العالمين؟ )

    ومِنهم من تُسقِطه أعماله في الجحيم، ويا للهول الجسيم!

    فأيُّ بؤسٍ وشقاءٍ ينتظر هَؤلاء؟!

    فالجحيم شيءٌ فضيع، مخيف، مفْزِع، مرعِب، مهين

    لا يمكن تصوُّر لحظةٍ منه ولا بأقصَى درجات العذاب والهوان

    والذلّ والبؤس والشقاء والجوع والعطش والألَم والمرض في الدنيا

    فكيف بمن سيبقَى فيها أيّامًا وشهورًا وسنينا؟!

    طعامهم الزقُّوم وشرابهم عصارة أهل الجحيم

    وفضلاتهم وصديدهم

    وماؤهم الحميم المغلي بحرارة الجحيم

    فيشوي وجوههم قبل شربه ويقطِّعُ أمعاءهم بعد شُربه

    وهم مُجبرون على الأكل والشرب لشدَّة جوعهم وعطشهم

    فيتعذَّبون به دون أن يخفِّف جوعهم وعطشهم

    بل هو يزيدهم جوعًا وعطشًا وألَمًا وعذابا

    ثم يخرج من النار من كان في قلبه مثقال خردلةٍ من إيمان

    بعد أن يُعذَّب بذنوبه وتقصيره في حقِّ ربِّه

    وحقِّ نفسه وأهله ورعيَّته

    ويجتمع المؤمنون في أرضِ الأعراف يتقاصُّون فيها مظالمهم

    ويدخل الفقراء الجنَّة قبل الأغنياء بخمسمائة عام

    يُحاسَبُ فيها الغنيُّ حتَّى يتمنَّى أنَّه كان فقيرا

    فما فائدة أن تكون غنيًّا مترَفًا منعَّمًا في الدنيا

    ثم يسبقك الفقير إلى الجنَّة ويتنعَّم فيها 500 عام

    قبل أن تدخلها أنت؟!

    وأين نعيم الدنيا كلّها أمام لحظةٍ وموضع قدمٍ في الجنَّة؟!

    لذلك قال النبي e

    {قد أفلح من أسلَم ورُزِقَ كفافًا وقنَّعه الله بما آتاه}

    {ويلٌ للمكثرين} {هَلَكَ المكثرون}

    {إنَّ المكثرين هم الأرذلون}

    {هم الأخسرون} {هم الأسفلون يوم القيامة

    إلاَّ من قال بالمال هكذا وهكذا وكسبه من طَيِّب}

    يعني أنفقه في كلِّ جانبٍ في الخير

    {إيَّاك والتنعُّم فإنَّ عباد الله ليسوا بالمتنعِّمين}

    {حلوة الدنيا مرَّة الآخرة، ومرَّة الدنيا حلوة الآخرة}

    {من أحبَّ دنياه أضرَّ بآخِرته، ومن أحبَّ آخِرته أضرَّ بدنياه

    فآثِروا ما يبقَى على ما يفنَى}

    فالجنَّة . . . وما أدراك ما الجنَّة؟!

    فيها ما لا يمكن تصوُّره من النعيم العظيم الدائم أبدا

    حورٌ وقصورٌ وأشجارٌ وأنهار

    ووِلدانٌ خدمٌ مخلَّدون في طُفولَتهم الجميلة

    إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤًا منثورًا لشدَّة جمالهم وكثرتهم

    } وإذا رأيتَ ثَمَّ رأيتَ نعيمًا ومُلْكًا كبيرا {

    في جِنانٍ خَضِرةٍ نضِرةٍ وعيونٍ تجري وأنوارٍ تتلألأ
    وجمالٍ عظيم وسعادةٍ خالصة وشبابٍ دائمٍ أبدًا

    ولهم فيها ما يشتهون

    بلا جوع ولا عطش ولا برد ولا حرّ ولا شمس

    ولا خوف ولا هَمّ ولا مرَض ولا ألَم ولا تعب

    ولا شيء يكرهونه

    في حياةٍ دائمةٍ أبديَّةٍ بلا موت

    أدناهم له مثل 10 أمثال الدنيا

    وأعلاهم الذين غَرَسَ الله Y كرامتهم بيده وقال

    } أعددتُ لعبادي الصالِحين ما لا عينٌ رأت ولا أُذُنٌ سَمِعَت

    ولا خَطَرَ على قلب بشر {

    من الكرامة والنعيم في الفردوس الأعلَى من الجنَّة

    وبينهما 100 درجة بين كلِّ درجتين كما بين السماء والأرض

    ثمَّ {إذا صار أهل الجنَّة إلى الجنَّة وأهلُ النار إلى النار

    جيء بالموت حتَّى يُجعَلَ بين الجنَّة والنار ثمَّ يُذبح،

    ثمَّ ينادي منادٍ: يا أهل الجنَّة لا موت ويا أهل النار لا موت}

    ومِنهم تارك الصلاة وجاحد الزكاة في عذابٍ خالِصٍ أبديّ

    } يا أيُّها الإنسان ما غرَّك بربِّك الكريم؟! {

    ومِن العجيب بعد هذا العِلْم

    أن يحرِصَ أكثرنا على أن يكون رفيعًا في الدنيا الدنيئة

    ولا يفوته شيءٌ من نعيمها الزائف وشهواتها ولَهْوِها ولَعِبها

    وهو سيموت ويتركها، وقد يموت الآن!!

    ثمَّ هو لا يحرص على أن يكون في أعلى درجات الجنَّة

    وهي حياةٌ أبديَّةٌ بلا موت ونعيمٌ خالِصٌ بلا حدود!

    فكيف ينسَى مصالحه الأبديَّة ويُضحِّي بسعادته وأمنه

    في سبيل شهواته وشيطانه وغيره؟!

    وكيف ينسَى والموت يطلبه

    والقيامة والصراط والجنَّة والجحيم أمامه؟!!

    {كن في الدنيا كأنَّك غريب أو عابر سبيل}

    {وعُدَّ نفسك في أهل القبور}

  • #2
    الحور العِين والجِنان والجحيم
    الحوراء: هي المرأة الشابَّة الحسناء الجميلة البيضاء كلون اللؤلؤ المكنون مع حمرة كالمرجان صافية اللون كالياقوت يحار فيها البصر من رقَّة الجلد وصفائه، يرَى زوجها وجهه في خدّها أصفَى من المرآة كما ترَى وجهها في خدّه، واسعة العين مع حوَرٍ فيهما، لو اطلعت على الدنيا لَملأت ما بين السماء والأرض ريحًا وضياء، عليها التيجان وسبعون حلَّة ينفذها بصر زوجها حتَّى يرَى مخَّ ساقها من وراء ذلك ومن وراء اللحم والعظم كما يرَى الشراب الأحمر من الزجاجة البيضاء، تغنِّي بصوت لم تسمع الخلائق بمثله تقول هي وأترابها: نحن الخالدات فلا نبيد، ونحن الناعمات فلا نبأس، ونحن الراضيات فلا نسخط، طُوبَى لمن كان لنا وكنَّا له، ويقلن: نحن الخيرات الحسان، أزواج قومٍ كرام، ينظرون بقُرَّة أعيان.
    والجَنَّة: ترابها المسك والزعفران وحصيّها اللؤلؤ والياقوت وقصورها من ذهبٍ وفضَّة وخيامها وقبابها اللؤلؤ وأشجارها كثيفة سيقانها من ذهب وظلالها ممدودة وفواكهها دائمة بلا جوع ولا عطش ولا مرض، تتدفَّق فيها الأنهار وتتفجَّر فيها العيون، ولباسهم وحليِّهم وفرشهم وأثاثهم وآنيتهم من سندس وإستبرق وذهب وفضَّة ودرّ وياقوت، ويطوف عليهم خدمٌ وِلدانٌ مخلَّدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤًا منثورًا من شدَّة جمالهم وبهائهم وصفائهم وكثرتهم يطوفون عليهم بالأطعمة والأشربة وما يشتهون، لا يرون فيها شمسًا ولا زمهريرا، ولا يرون ولا يسمعون شيئًا يسوؤهم، وإذا رأيت ثَمَّ رأيت نعيمًا وملكًا كبيرا في سلامٍ خالص ولذَّةٍ دائمة وشبابٍ وجمالٍ أبديّ.
    } أذلك خيرٌ نزلاً أم شجرة الزقُّوم؟ { {لو أنَّ قطرةً من الزقُّوم قطرت في دار الدنيا لأفسدت على أهل الدنيا معايشهم فكيف بمن تكون طعامه؟}(صحيح الجامع) } إنَّها شجرةٌ تخرج في أصل الجحيم، طلعها كأنَّه رؤوس الشياطين، فإنَّهم لآكلون منها فمالئون منها البطون، ثمَّ إنَّ لهم عليها لَشَوبًا من حميم، ثمَّ إنَّ مرجعهم لإلى الجحيم {(64-68 الصافات) وقُطِّعت لهم ثيابٌ من نارٍ ونحاسٍ مذاب ويُصَبُّ من فوق رؤوسهم الحميم فيصهر جلودهم وما في البطون ولهم مقامع من حديد يُضرَبون بها، فيبكون الدموع حتَّى تنقطع ثمَّ يبكون الدم ويصيحون ويصرخون من شدَّة العذاب والهول الرهيب.
    هذا حال الفاسقين والكافرين ومنهم تارك الصلاة وجاحد الزكاة. هل أمسكت قِدرًا فيه ماءٌ يغلي؟ وهل أدخلت يدك في ماءٍ يغلي؟ وهل داست قدمك على جمرٍ مشتعل؟ فكيف لو كان أشدّ حرارة بسبعين ضعفًا؟ هل يرضيك البقاء في مثل هذا العذاب لحظة واحدة؟ ما أكثر الذين يسيرون في طريقٍ يقودهم إلى أكثر من هذا، نسأل الله العافية والسلامة
    يتبع ........



    تعليق


    • #3
      الأمن الحقيقي

      قال الله تعالى: }وما أصابكم من مصيبةٍ* فبما كَسَبَت أيديكم ويعفو عن كثير{(30 الشورى) وقال: }أوَلَمَّا أصابتكم مصيبةٌ قد أصبتم مِثْلَيها قلتم أنَّى هذا قل هو مِن عند أنفسكم إنَّ الله على كلِّ شيءٍ قدير{(165 آل عمران) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: {لا يصيب عبدًا نكبةٌ فما فوقها أو دونها إلاَّ بذنْب، وما يعفو الله عنه أكثر}(صحيح الجامع) وفي روايةٍ أُخرَى قال صلى الله عليه وسلم: {ما اخْتَلَجَ عِرْقٌ ولا عينٌ إلاَّ بذنْب وما يدفع الله عنه أكثر}(صحيح الجامع)، }ما أصابك من حسنةٍ فمِنَ الله وما أصابك من سيِّئةٍ فمِن نفسك{(79 النساء) فلا تلومنَّ إلاَّ نفسك ولا تخافنَّ إلاَّ ربَّك ثمَّ ذنبك، ولولا رحمة الله تعالى لأصابك ما هو أشدُّ وأعظم، أمَّا من يحارب الله بالمعاصي ويتفضَّل الله عليه بالنعم فهو على خطرٍ جسيم، فانتبه واحذر مكر الله.

      * المصائب كالمرض والضعف وصعوبة التفكير والعمل والتعلُّم وضيق الصدر والاكتئاب والفشل والتعرُّض لسوء المعاملة والإهانة والاعتداء والحوادث والأعطال والعسر في الزوجة أو في الخادم أو في الأبناء أو في نفسك وصعوبة الطاعة وسهولة المعصية وغيرها من المصائب والمشاكل صغيرها وكبيرها، قال عمر t: (كلُّ ما ساءك مصيبة)(شعب الإيمان).

      والتأثير الضارّ للذنوب لا يتوقَّف عند صاحبها بل يمتدُّ إلى أهله وماله وبيته وسيَّارته وإلى الأرض والهواء والماء والشجر والبهائم، قال الله تعالى: }ظَهَر الفساد في البَرِّ والبحر بما كَسَبَت أيدي الناس لِيُذيقهم بعض الذي عملوا لعلَّهم يرجعون{(41 الروم) فكلُّ ما يسمُّونه آثار الزمن والكوارث والحوادث والحروب والأوبئة والجدب وقلَّة البركات ما هي إلاَّ من آثار الذنوب.

      ومِن هنا ندرك الحقيقة الكونيَّة المؤَكَّدة التي لا تقبَل الجدل؛ وهي أنَّ الأمن الحقيقي والسلامة والعافية والقوَّة والهيبة والعزَّة والنعيم لا يمكن أن تتحقَّق إلاَّ من طريقٍ واحد؛ وهو مكافحة الذنوب؛ بالتناصح والتناهي عن المنكرات والتعاون على البِرّ والخيرات، ومنع وإزالة مراكز الشرِّ ومنابع الخطر وتطهير المذنبين والمجرمين بالتأديب وإقامة الحدود وكثرة الاستغفار، وكلُّ طريقٍ آخر غير هذا هو فاشلٌ حتمًا.

      والذنوب الصغيرة تكفِّرها الصلاة والصيام والصدقة وغيرها من الحسنات }إنَّ الحسنات يُذهِبن السيِّئات ذلك ذكرَى للذاكرين{ فإنَّما الخطر في الإصرار والعمد . . . الذين يتعمَّدون الخطأ أو يصرُّون عليه بعد أن علِمُوا أنَّه خطأ أو بعد أن انتبهوا وتذكَّروا أنَّ ما يفعلونه خطأ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {ما أخشَى عليكم الخطأ ولكنِّي أخشَى عليكم التعمُّد}(صحيح الجامع) ومنه التساهل والإهمال {ويلٌ للمصرِّين الذين يصرُّون على ما فَعَلُوا وهم يعلَمُون}(صحيح الجامع) فالكبائر يجب فيها الاستغفار الصادق بشروطه وهي: ترك الذنب والندم على فِعْلِه والعزيمة على عدم العودة إليه، وإعادة الحقوق التي عنده لأصحابها إن استطاع ذلك أو العزم الصادق على إعادتها متى أمكنه ذلك، والتائب من الذنْب هو كمن لا ذنْب له ولو غلَبته نفسه وعاد في اليوم مائة مرَّة إذا حقَّق التوبة بشروطها خالصةً لله، والله سبحانه وتعالى يعلم الصادقين ويفرح بتوبتهم.

      وفي التقوَى وللمتَّقين فضائل عظيمة وفوائد فريدة، قال الله I: }ألا إنَّ أولياء الله لا خوفٌ عليهم ولا هُم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتَّقون{(62 يونس) } ومن يتَّق الله يجعل له من أمره يسرا{(4 الطلاق) }إنَّ الله مع الذين اتقوا والذين هم محسِنون{(128 النحل) }ولو أنَّ أهل القرَى آمنوا واتقوا لَفَتَحْنا عليهم بركاتٍ من السماء والأرض{(96 الأعراف) والبركة هي مدَى استفادتك مما رزَقك الله U، تزيد بطاعته وتنقص بمعصيته، والبركات في هذه الآية هي الأمطار والأرزاق من السماء، والجِنان والأنهار في الأرض، وقال الله تعالى: }مَن عمل صالِحًا من ذَكَرٍ أو أُنثَى وهو مؤمنٌ فلَنحيينَّه حياةً طيِّبةً ولَنَجزيَنَّهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون{(97 النحل) وقال: }ومن يتَّق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكَّل على الله فهو حَسْبه{(2-3 الطلاق) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي ذرّ t: {يا أبا ذرّ لو أنَّ الناس كلّهم أخذوا بها لَكَفَتهم}(رواه ابن حبَّان والحاكم وصحَّحه ووافقه الذهبي) لذلك قال بعض السلف: (ما احتاج تقيٌّ قَطّ) ويقول: (إنَّ الله ضَمِنَ للمتَّقين أنْ يجعل لهم مخرجًا مما يضيق على الناس وأنْ يرزقهم من حيث لا يحتسبون* فيدفع عنهم ما يضرّهم ويجلب لهم ما يحتاجون إليه، فإنْ لم يحصل ذلك دلَّ على أنَّ في التقوَى خللاً فلْيَستغفر الله ولْيَتب إليه)(مجموع الفتاوى لابن تيمية).

      * الرزق من حيث لا تحتسب هو الرزق من غير الطريق الذي تحتسب أنْ يأتيك الرزق منه كعملك وتجارتك.

      وتقوَى الله تعالى تكون بالحرص على الواجبات وأدائها كما يجب والحذر من الحرام والشبهات طلبًا لمرضاة الله تعالى وجَنَّته وخوفًا من سخطه وعقابه وبذِكْره فلا يُنسَى وبالتفرُّغ لعبادته شكرًا له على نِعَمِه هذه هي التقوَى فمَن هم المتَّقون؟؟..

      المتَّقون هم كلُّ من حرص حرصًا صادقًا على تحقيق معنَى التقوَى بإخلاصٍ وعزيمةٍ وإصرار...

      وإنْ كان غالب سؤال غير المتَّقين: هل هذا حرام؟...

      فإنَّ غالب سؤال المتَّقين: هل هذا حلال؟؟...

      فغَير المتَّقين يغلب عليهم التساهل في ارتكاب الشُبُهات {ومن وَقَعَ في الشُبُهات وَقَعَ في الحرام}(متَّفق عليه).

      أمَّا المتَّقون فيغلب عليهم الخوف والحذر الشديد من الوقوع في الحرام والشبهات، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: {لا يبلغ العبد أن يكون من المتَّقين حتَّى يدَعَ ما لا بأس به حذرًا لما به البأس}(صحَّحه الحاكم والذهبي وحسّنه الترمذي) {اجعلوا بينكم وبين الحرام سترًا من الحلال}(صحيح الجامع وابن حبان) يعني أن تترك كلَّ ما لم يثبت لك أنَّه حلال وكلَّ ما تشكّ فيه من الحلال خوفًا من أنْ يكون حرامًا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {ما أنكر قلبك فَدَعْه}(صحيح الجامع) {دَعْ ما يريبك إلى ما لا يريبك}(صحيح الجامع وابن خزيمة وابن حبان) وهذا هو الورع، قال النبي صلى الله عليه وسلم: {خير دينكم الورع}(صحيح الجامع) {كن وَرِعًا تكن أعبد الناس}(صحيح الجامع) فالورع هو ترك كلّ ما لم تتأكَّد يقينًا في قلبك لا شكَّ فيه أنَّه حلالٌ نافعٌ مشروع.

      وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم}(متفقٌ عليه)، وهذا يعني أنَّ فِعْل الواجبات يكون على قدر الاستطاعة }فاتقوا الله ما استطعتم{ أمَّا ترك الحرام والشبهات فيكون على الفور لا على قدر الاستطاعة.

      أقول: إنَّ المتَّقين هم الذين يحرصون غاية الحرص على التقوَى وأسباب التقوَى وما يعين على التقوَى، ولكنَّهم مع هذا يقعون في الحرام . . وهنا يتميَّز المتَّقون بأنَّهم إذا وقعوا في الحرام أو في شبهة حرام أو فيما يشكُّون أنَّه حرام أو فيما لم يتأكَّدوا أنَّه حلال سارَعوا إلى الاستغفار والتوبة والندم يرجون رحمة الله ويخافون عذابه ولا يأمَنون مكره }فلا يأمن مكر الله إلاَّ القوم الخاسرون{ }يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافًا مضاعفةً واتَّقوا الله لعلَّكم تفلِحون، واتَّقوا النار التي أُعِدَّت للكافرين، وأطيعوا الله والرسول لعلَّكم تُرحمون، وسارعوا إلى مغفرةٍ من ربِّكم وجَنَّةٍ عرضها السموات والأرض أُعِدَّت للمتَّقين، الذين يُنفِقون في السرَّاء والضرَّاء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحبُّ المحسنين، والذين إذا فعلوا فاحشةً(1) أو ظلموا أنفسهم(2) ذَكَروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومَن يغفر الذنوب إلاَّ الله ولم يُصِرُّوا على ما فعلوا وهم يعلمون، أولَئك جزاؤهم مغفرةٌ من ربِّهم وجَنَّاتٌ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونِعْمَ أجر العاملين{(آل عمران 130-136).

      (1) كبيرة من كبائر الذنوب .

      (2) بصغيرة من صغائر الذنوب، ورُوي عن ابن عبَّاس t أنَّه قال: (لا صغيرة مع الإصرار)(جامع العلوم والحكم).

      وللزوم الاستغفار فضائل عظيمة، قال الله تعالى: }وما كان الله معذِّبهم وهم يستغفرون{(33 الأنفال) وقال مخبرًا عن محمَّد صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: }وأن استغفِروا ربَّكم ثمَّ توبوا إليه يُمَتِّعكم متاعًا حسنًا إلى أجلٍ مسمًّى ويؤتِ كلَّ ذي فضلٍ فضله وإنْ تولّوا فإنِّي أخاف عليكم عذاب يومٍ كبير{(3 هود) وعن هود صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: }ويا قوم استغفِروا ربَّكم ثمَّ توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارًا ويزِدْكم قوَّةً إلى قوَّتكم ولا تتولّوا مجرمين{(52 هود) وعن نوح صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: }فقلتُ استغفِروا ربَّكم إنَّه كان غفَّارا، يرسِل السماء عليكم مدرارا، ويُمْدِدْكم بأموالٍ وبنين ويجعل لكم جَنَّاتٍ ويجعل لكم أنهارا{(10-12 نوح) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: {طوبَى لمن وجد في صحيفته استغفارًا كثيرا}(صحيح الجامع) {والله إنِّي لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مَرَّة}(صحيح البخاري) أو قال: {مائة مرَّة}(صحيح مسلم).

      وأختِم بهذا الحديث القدسي؛ قال الله سبحانه وتعالى }وعزَّتِي لا أجمع على عبدي خَوفَين وأمنَين؛ إذا خافَنِي في الدنيا أمَّنته يوم القيامة، وإذا أمِنَنِي في الدنيا أخَفْته يوم القيامة{

      (صحيح الترغيب والترهيب وابن حبان)

      يتبع لاحقا

      تعليق


      • #4
        { احفظ الله يحفظك }



        الفِسْق هو البعد عن الله تعالى، ويتميَّز الفاسق بتساهله وإهماله وضعف اهتمامه بعواقب عمله، ومن نتائج ذلك الإصرار على الخطأ؛ فمن أصرّ على خطأ بعد أن علِم أو تذكَّر أو انتبه أنَّه خطأ فهو فاسقٌ حتَّى يتوب، والإصرار هو البقاء على الخطأ بلا مبالاة، سواء فعَله أو عزَم على فِعله ولم يفعله ولم يكره فعله ولم يتركه خوفًا من الله تعالى، والخائف لا يبقَى على الخطأ بلا مبالاة، بل هو لا يقع فيه بلا مبالاة، قال الله تعالى في وصف المتَّقين: } والذين إذا فعَلوا فاحشةً أو ظلَموا أنفسهم ذكَروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلاَّ الله ولم يصرُّوا على ما فعَلوا وهم يعلمون {(135 آل عمران) فالمتَّقون يقعون في صغائر الإثم وكبائره كغيرهم من الناس؛ فالكلّ يخطئ والكلّ مقصِّر في حقّ الله تعالى، ومن ظنَّ غير هذا فهو جاهلٌ مغرورٌ بنفسه وعمله، ولكن المتَّقين لا يصرُّون على ما فعلوا وهم يعلمون.

        وقوله } على ما فعلوا { بصيغة الماضي يدلُّ على أنَّ الإصرار لا ينتهي بنهاية الفعل، بل يمتدّ حتى يتوب فاعله، لذلك فإنَّ وصف الفسق يبقَى ملازمًا للفاسق ولو كان في طاعة ولو كان في صلاته ما دام هو لم يتب من معصيته، فعدم توبته منها يجعله في حكم المصِرّ عليها ولو كان قد انتهَى منها أو ترَكها منذ زمنٍ بعيد، والتوبة يسبقها الخوف والهمّ ويصاحبها انكسار القلب لله، لذلك تصعب على الفاسق بسبب تساهله وإهماله وضعف اهتمامه، فإذا تاب مِن فِسْقه توبةً صادقة كان ذلك دليلاً على حدوث تغيُّرٍ في قلبه ينفي عنه صفة الفسق، ولا يلزم أن يتذكَّر كلّ إثمٍ وقع فيه ليتوب منه، بل يكفيه أن يتوب من فسقه وعصيانه وتقصيره في حقّ ربّه عزَّ وجلّ وحقّ نفسه، فيندم على ذلك ويعزم على عدم العودة إليه ويبذل الأسباب في سبيل ذلك ويعيد الحقوق لأصحابها إن استطاع أو يجعلها دَينًا في ذمّته حتى يستطيع.

        وقد حذَّرنا الله عزَّ وجلّ من حال الفاسقين حيث قال سبحانه: } ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولَئك هم الفاسقون {(19 الحشر) نسوا الله U فما قدروه حقَّ قدره وغفلوا عن حقِّه ولم يَحرصوا على مرضاته واجتناب سخطه وعقابه وعذابه، وهذا من نتائج ضعف الإيمان به وبالآخرة والجنَّة والنار، وهذا من نتائج الجهل، سواء كان جهلاً بعدم العِلم أو بعدم الاستفادة من العِلم، وكلاهما مذموم، والجاهل بأخبث المنازل ويبغضه الله تعالى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إنَّ الله تعالى يبغض كلَّ عالِمٍ بالدنيا جاهلٍ بالآخرة}(صحيح الجامع) عالِم بمأكله ومشربه وملبسه ومسكنه ومركبه ومكسبه، جاهل بواجباته ومصالحه الأبدية {وطَلَبُ العِلْمِ فريضةٌ على كلِّ مسلم}(صحيح الجامع) فيَجب أن تكون عالِمًا بما أوجبه الله عليك وكيف تقوم به كما يجب، وبما حرَّمه عليك لِتحذَره، أو تكون طالِبًا لهذا العِلْم الواجب واحذر أن تكون ملعونًا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: {إنَّ الدنيا ملعونةٌ ملعونٌ ما فيها إلاَّ ذِكْر الله وما والاه وعالِمًا أو متعلِّما}(صحيح الجامع) } إنَّما يخشَى اللهَ من عباده العلماءُ { العارفون بحقّه وجليل قدره وعظيم سلطانه وشديد عقابه للعاصين وواسع رحمته ومغفرته للمؤمنين المتَّقين.

        والهمّ هو أحد أقوَى الدوافع المحرِّكة للإنسان، بل هو الطاقة العليا المحرِّكة للعقل، والهمّ يتولَّد من الغاية، والغاية تثبت بالتربية؛ التربية الذاتية أو الخارجية، فإذا كانت الغاية واضحة وقويّة ومركَّزة كان الهمُّ قويًّا ومركَّزًا في سبيل تحقيق الغاية، وكان العقل قويًّا تبعًا لذلك، وكلّما ضعفت الغاية أو تشعَّبت ضعف الهمّ تبعًا لها وضعف العقل تبعًا لذلك، وهذا الضعف قد يكون عامًّا إذا كان صاحبه بلا هدف، أو يكون في بعض الجوانب، وينتج الفسق إذا ضعف همّ الآخرة، والعلاج يكون بتوجيه العقل إلى الغاية الصحيحة وتثبيته عليها باستمرار، انظر (العقل والهدف) في كتاب (الرزق والغنَى) وانظر كتاب (النجاح العظيم).

        وقد يكون ضعف الهمّ من نتائج ضعف العقل بسبب الإسراف في الطعام كمًّا ونوعًا أو بسبب خلل كيمياء الدم، انظر (العقل الأعلى) في كتاب (طريق العافية)، وضعف العقل في هذه الحالة يصاحبه أيضًا ضعفٌ في الحزم، وهذا الضعف الثلاثي يقود حتمًا إلى ضعف التقوَى بحسبه، ويقود غالبًا إلى الفسوق بحسبه إلاَّ إذا غلب همّ الآخرة على القلب، ومع غلبة هذا الهمّ يبقَى أثر هذا الضعف على التقوَى، لذلك حذَّرنا الله سبحانه وتعالى من الإسراف في الطعام مع الوعيد الشديد في قوله: } وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنَّه لا يحبّ المسرفين {(31 الأعراف) لأنَّ الإسراف هو السبب الرئيس لخلل كيمياء الدم وضعف العقل والجسم، وهناك أسباب أخرَى لهذا الخلل والضعف كالعين والسحر والخلل العصبي وغيره، والعلاج يكون بإزالة أسباب الداء وعلى رأسها الذنوب، انظر كتاب (طريق العافية) و(حقيقة التقوَى).

        قلت إنَّ الفاسق ضعيف الاهتمام بحقّ الله تعالى لذلك توعَّده بقوله: } فويلٌ للمصلِّين، الذين هُمْ عن صلاتهم ساهون {(الماعون) فكلّ من تساهل في أمر الصلاة الواجبة ولم يحرص على تعلّمها وأدائها كما يجب فهو فاسقٌ داخلٌ في هذا الوعيد، وهو لما سواها من الواجبات أضيَع، لذلك كانت هي مقياس صلاح الأعمال يوم القيامة؛ {إنَّ أوَّل ما يُحاسَب به العبد يوم القيامة من عمله الصلاة، فإنْ صلحت فقد أفلح وأنجح، وإنْ فسدت فقد خاب وخسِر}(صحيح الجامع) } إنَّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر {(45 العنكبوت) لمن أدَّاها كما يجب.

        والفاسق ضعيف الاهتمام بحقوق غيره وحقوق نفسه } نسوا الله فأنساهم أنفسهم { لذا حذَّرنا الله U من عواقب ذلك، ومن ذلك قوله تعالى: } يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسقٌ بنبإٍ فتبيَّنوا {(6 الحجرات) لأنَّ الفاسق قليل الاهتمام بنتائج أعماله وأقواله، وهذا دليلٌ آخر على أنَّ وصف الفسق ليس ناتجًا عن فِعل المعصية فقط، بل هو وصفٌ للحالة التي عليها قلب الفاسق والتي تظهر آثارها في تصرُّفاته وتفكيره ونظرته للأمور.

        والفاسق يفرح بما أتاه من أمور الدنيا للدنيا } إنَّ الله لا يحبّ الفرحين {(76 القصص) } قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فلْيفرحوا هو خيرٌ مما يجمعون {(58 يونس) أن تفرح بتوفيق الله تعالى لك إلى الإسلام والإيمان والعِلم النافع والتقوَى والإحسان والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر... وتفرح بما يعينك على مصالح الآخرة من المال الصالح والزوج الصالح والولد الصالح وغيره من المصالح بقصد استخدامها أو الاستفادة منها أو الاستعانة بها في مصالح الآخرة.

        وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم درجة من أشدّ درجات الفسق بقوله: {إنَّ المؤمن يرَى ذنوبه كأنَّه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه، وإنَّ الفاجر يرَى ذنوبه كذبابٍ مرَّ على أنفه فقال به هكذا}(صحيح البخاري) ففي قلب الفاسق هناك بجانب اللامبالاة يوجد أمنٌ وأمانٌ زائفٌ مع ما فيه من الضيق بسبب الفسوق، وكلّما زاد هذا الأمن الشيطاني زاد الفسق وزاد ضيق الصدر، وفي مقابل هذا يوجد خوفٌ كريم في قلب المؤمن التقيّ مع ما فيه من الانشراح والهدوء النفسي والسعادة الحقيقية بسبب التقوَى، وكلَّما زاد هذا الخوف من الله تعالى ومن عواقب الإثم والتقصير في حقّ الله Y زادت التقوَى وزاد انكسار القلب وخشوعه لله U، وقد قال سبحانه وتعالى في الحديث القدسي: } وعِزَّتِي لا أجمع على عبدي خَوفَين وأمنَين؛ إذا خافَنِي في الدنيا أمَّنته يوم القيامة، وإذا أمِنَنِي في الدنيا أخَفْته يوم القيامة {(صحيح الترغيب والترهيب وابن حبان).

        وهذا الأمن في قلب الفاسق هو من نتائج الغرور؛ الغرور بالله أو بالدنيا؛ إذ اغترّ بنفسه أو بماله، بجاهه، بسلطانه، أو بعمله ولم يعترف بذنبه وتقصيره في حقّ ربّه سبحانه وتعالى، أو اغترّ بربّه U فظنَّ أنَّ الله يغفر له ويرحمه بلا تقوَى ولا توبة، وذلك من نتائج الجهل } يا أيها الإنسان ما غرّك بربِّك الكريم؟ {(6 الانفطار) } يا أيها الناس اتَّقوا ربَّكم واخشوا يومًا لا يجزي والدٌ عن ولده ولا مولودٌ هو جازٍ عن والده شيئًا إنَّ وعد الله حقّ فلا تغرَّنَّكم الحياة الدنيا ولا يغرَّنَّكم بالله الغرور { (33 لقمان) } أفأمِنوا مكر الله؟ فلا يأمن مكر الله إلاّ القوم الخاسرون {(99 الأعراف).

        وكلّ فاسقٍ هو كافرٌ بنعمة الله جلَّ جلاله بإصراره على استخدامها فيما لا يحبّه الله ويرضاه } وإذ تأذَّن ربُّكم لَئِن شكرتم لأزيدنَّكم ولَئِن كفرتم إنَّ عذابي لَشديد { (7 إبراهيم) فالفاسق هو الكافر بنعمة الله تعالى، والتقيّ هو الشكور، ومن نعم الله U نعمة الوقت وهو الحياة ونعمة القوَّة والمال والجاه والسمع والبصر.

        والفسق درَكات؛ فكلّما قلَّ الاهتمام وزاد التساهل والجهل والأمن والغرور في قلب الفاسق زاد بُعده عن الله تعالى وانحطاطه في درَكات الفاسقين، ومن أسوئهم الفاجر المجاهر بفسقه وعصيانه، والمجرم المنافق الذي يبغض الصلاح والصالحين ويسعَى لنشر فساده إلى غيره، والمجرم الذي يظلم الناس، والمتكبِّر المتعالي عليهم، والمترف الجاهل المتشدّق في كلامه؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: {شرار أمَّتي الذين غُذُّوا بالنعيم الذين يأكلون ألوان الطعام ويلبسون ألوان الثياب ويتشدَّقون في الكلام} (صحيح الجامع) وأكثر الفسق وأشدّه من الترف لأنه يربِّي اللامبالاة والغرور في قلوب المترفين، لذلك يأتي التدمير من جانبهم، بينما يُرزق الناس ويُنصرون بضعفائهم؛ قال الله تعالى: } وإذا أردنا أن نهلك قريةً أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحقَّ عليها القول فدمَّرناها تدميرا {(16 الإسراء) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: {هل تُنصرون وتُرزقون إلاَّ بضعفائكم؟}(صحيح البخاري) {بدعوتهم وإخلاصهم}(صحيح الجامع).

        وبين درجات المؤمنين المتقين السابقين ودركات الفاسقين الظالمين أنفسهم هناك درجات المسلمين المقتصدين، قال الله تعالى: } ثمَّ أورَثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالمٌ لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابقٌ بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير {(32 فاطر) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: {لا يبلغ العبد أن يكون من المتَّقين حتَّى يدَعَ ما لا بأس به حذرًا لما به البأس}(صحَّحه الحاكم والذهبي وحسّنه الترمذي).

        تعليق


        • #5

          والسابق والمقتصد كلاهما يأخذ كتابه بيمينه يوم القيامة وكلّ من زادت حسناته على ذنوبه، ويظهر الفرق بينهم في سعادتهم وانشراح قلوبهم في الدنيا، وحالهم في البرزخ حيث يُعذَّب الفاسق بفسقه، ويوم القيامة يُعامل الناس ويكون حالهم وأمنهم وسلامتهم على قدر أعمالهم، وكذلك تكون سرعتهم على الصراط فوق جهنّم فالسابق سابقٌ كالبرق أو على قدر سبقه والمقتصد مقتصدٌ في سيره والفاسق ضعيفٌ على قدر ضعفه في الدنيا وبعضهم يزحف على بطنه لسنواتٍ طويلةٍ طويلة في مشهدٍ فضيع مخيف رهيب تلفحه النار وتخدشه الكلاليب الجسام ثمّ قد تسقطه ذنوبه في الجحيم فبئس حال الفاسقين، قال النبي صلى الله عليه وسلم: {إياكم ومحقّرات الذنوب فإنَّهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه}(صحيح الجامع) {البرُّ ما سكنت إليه النفس واطمأنّ إليه القلب، والإثم ما لم تسكن إليه النفس ولم يطمئنّ إليه القلب، وإن أفتاك الْمُفْتُون}(صحَّحه الألباني والأرنؤوط) {استفتِ نفسك وإنْ أفتاك الْمُفْتُون}(صحيح الجامع) {ما أنكر قلبك فَدَعْه}(صحيح الجامع) {دَعْ ما يريبك إلى ما لا يريبك}(صحيح الجامع وابن خزيمة وابن حبان) } فلْيحذر الذين يُخالِفون عن أمره أنْ تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذابٌ أليم {(63 النور).

          } يا أيها الناس اتقوا ربّكم إنَّ زلزلة الساعة شيءٌ عظيم، يوم ترونها تذهل كل مرضعة عمَّا أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد {(الحجّ) } قال: عذابي أُصِيبُ به من أشاء ورحمتِي وسِعَتْ كلَّ شيء فسأكتبها للذين يَتَّقُون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون {(الأعراف) } إنَّما المؤمنون الذين إذا ذُكِر الله وجِلَت قلوبهم وإذا تُلِيَت عليهم آياته زادتهم إيمانًا وعلى ربّهم يتوكّلون، الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون، أولَئك هم المؤمنون حقًّا لهم درجاتٌ عند ربّهم ومغفرةٌ ورزقٌ كريم {(الأنفال) } يا أيها الذين آمَنوا آمِنوا بالله ورسوله {(النساء) } وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا {(المائدة) فلَيس الخير ودفع عواقب السوء بالتمنِّي } ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءًا يُجْزَ به ولا يجد له من دون الله وليًّا ولا نصيرا {(النساء) } وأمَّا مَن خاف مقام ربِّه ونهَى النفس عن الهوَى، فإنَّ الجنَّة هي المأوَى {(النازعات) } إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلَها { (الإسراء) } فمن يعمل مثقال ذرَّةٍ خيرًا يرَه، ومن يعمل مثقال ذرَّةٍ شرًّا يره {(الزلزلة) } يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولْتنظر نفسٌ ما قدَّمت لغد واتقوا الله إنَّ الله خبيرٌ بما تعملون، ولا تكونوا كالذين نَسُوا الله فأنساهم أنفسهم أولَئك هم الفاسقون، لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنَّة أصحاب الجنَّة هم الفائزون {(الحشر) } أفمن كان مؤمنًا كمن كان فاسقًا؟ لا يستوون {(السجدة) } إنَّ الذين هم من خشية ربِّهم مُشْفِقُون، والذين هم بآيات ربِّهم يؤمنون، والذين هم بربِّهم لا يشرِكون، والذين يؤتُون ما آتَوا وقلوبهم وجِلَة أنَّهم إلى ربِّهم راجعون، أولَئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون {(المؤمنون) } الذين يقولون ربَّنا إنَّنا آمَنَّا فاغفر لنا ذنوبنا وقِنا عذاب النار، الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار { (آل عمران) } الذين آمنوا وتطمئنّ قلوبهم بذِكْر الله ألا بذِكْر الله تطمئنّ القلوب {(الرعد) } فاستبقوا الخيرات {(البقرة) } إنَّ المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدِّقين والمتصدِّقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرًا والذاكرات أعَدَّ الله لهم مغفرةً وأجرًا عظيما {(الأحزاب) هذه صفات المتَّقين المستسلمين لله ولأمر الله سبحانه وتعالى الذين قوِي إيمانهم حتى غلب على تفكيرهم وتصرُّفاتهم فخضعوا لله وأطاعوه وصدَقوا في أقوالهم وأفعالهم وصبروا على التقوى فحبسوا أنفسهم عمَّا يعارضها أو يضعفها وخَشَعت قلوبهم لله ربّ العالَمين فبذلوا أموالهم وأنفسهم فيما يحبّ ويرضَى وحفظوها عمّا لا يرضَى وذكَروا الله كثيرًا بأقوالهم وأفعالهم وكلّ تصرُّفاتهم فاستغنوا بذلك عن كلّ ما لا ينفع من القول والعمل } إنَّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولَئك هم خير البريَّة، جزاؤهم عند ربِّهم جَنَّات عدنٍ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدًا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي رَبَّه {(البيِّنة).

          } كتَب ربّكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءًا بجهالةٍ ثمَّ تاب من بعده وأصلح فأنه غفورٌ رحيم {(الأنعام) } يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبةً نصوحا عسى ربّكم أن يكفِّر عنكم سيّئاتكم ويدخلكم جَنَّاتٍ تجري من تحتها الأنهار {(التحريم) } إنَّ الله يحبُّ التوَّابين ويحبُّ المتطهِّرين {(البقرة) فهل تريد أن تتوب توبةً صادقةً نصوحا؟ إذًا قُلْ ببطءٍ وإخلاصٍ وخشوعٍ وخضوعٍ لله سبحانه: } لا إله إلاَّ أنت سبحانك إنِّي كنت من الظالمين(1) {(الأنبياء) {اللهم أنت ربِّي لا إله إلاَّ أنت خلَقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شرِّ ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علَيَّ وأبوء لك بذنبي فاغفر لي فإنَّه لا يغفر الذنوب إلاَّ أنت}(2) {اللهم أنت الملك لا إله إلاَّ أنت، أنت ربِّي وأنا عبدك ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعًا إنَّه لا يغفر الذنوب إلاَّ أنت واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلاّ أنت واصرف عنِّي سيّئها لا يصرف عنِّي سيّئها إلاَّ أنت، لَبَّيك وسعديك والخير كلّه في يديك والشرُّ ليس إليك أنا بك وإليك، تباركت وتعالَيت، أستغفرك وأتوب إليك}(3) {اللهم إنِّي ظلمت نفسي ظلمًا كثيرا ولا يغفر الذنوب إلاَّ أنت فاغفر لي مغفرةً من عندك وارحمني إنَّك أنت الغفور الرحيم}(4) {ربِّ اجعلني لك شكّارا ، لك ذكّارا ، لك رهّابا ، لك مطواعا ، لك مخبتا ، إليك أوَّاهًا منيبا}(5) } ربَّنا ظلَمْنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونَنَّ من الخاسرين(6) {(الأعراف) فمن قال ذلك صادقًا من قلبه مع حرصه على ترك المعاصي والبعد عنها وعن أسبابها فقد تاب، ومن وجد في قلبه قسوةً وإعراضًا فعليه بالتكرار مرَّاتٍ ومرَّات لأيام وأسابيع حتَّى يخضع قلبه ويخشع ويلين وينتفي عنه الفسوق برحمة الله تعالى وفضله، ثمَّ احرص بعدها على تكرار ذلك مرَّتين أو أكثر في الصباح والمساء، واحرص على أسباب التقوَى، انظر كتاب (حقيقة التقوَى وفضائلها وتربيتها في القلوب) } ولا تتبع الهوَى فيضِلّك عن سبيل الله إنَّ الذين يضلّون عن سبيل الله لهم عذابٌ شديدٌ بما نسوا يوم الحساب {(ص) } قُلْ أذلك خيرٌ أمْ جَنَّة الخلْد التي وُعِد المتَّقون كانت لهم جزاءً ومصيرا، لهم فيها ما يشاؤون خالدين كان على ربِّك وعدًا مسؤولا {(الفرقان).

          وأسباب الدوام على البرّ والتقوى هي؛ العِلم بالله تعالى وحقّه، والخوف منه سبحانه، وإخلاص العمل له وحده، وتذكُّر الموت وما بعده والجنّة ونعيمها والنار وعذابها، والبيئة الصالحة، والصبر والمصابرة، والاستعانة بالله U والتوكّل عليه، والاستعاذة به من الشيطان وأعوانه وإخوانه، والبعد عن أصحاب السوء، والحذر من العُجْبِ والغرور، ومعرفة عواقب الإثم والفسوق



          =======================================



          (1) هذا دعاء يونس صلى الله عليه وسلم الذي دعا به في بطن الحوت.

          (2) قال النبي صلى الله عليه وسلم: {مَن قالها من النهار موقِنًا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنَّة، ومَن قالها من الليل وهو موقنٌ بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنَّة}(صحيح البخاري) وذلك سيّد الاستغفار.

          (3) هذا بعض دعاء كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو به إذا قام إلى الصلاة (صحيح مسلم).

          (4) وهذا الدعاء علّمه النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر t يدعو به في صلاته (متفق عليه).

          (5) صحَّحه الترمذي والحاكم والألباني والأرنؤوط.

          (6) هذا دعاء آدم صلى الله عليه وسلم وحوّاء بعد أن أكلا من الشجرة المحرّمة

          تعليق


          • #6
            أقوى أسلحتك الذاتية

            1 التقوى والتوكّل على الله تعالى؛ } ومن يتَّق الله يجعل له مخرجا، ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكّل على الله فهو حسبه {(الطلاق) وقال سبحانه: } ما أصابك من حسنةٍ فمِنَ الله وما أصابك من سيِّئةٍ فمِن نفسك {(النساء) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: {لا يصيب عبدًا نكبةٌ فما فوقها أو دونها إلاَّ بذنْب}(صحيح الجامع) فلا تلومنَّ إلاَّ نفسك ولا تخافنَّ إلاَّ ربَّك ثمَّ ذنبك، راجع (احفظ الله يحفظك).الرمي
            قال النبي صلى الله عليه وسلم: {ألا إنَّ القوَّة الرمي، ألا إنَّ القوَّة الرمي، ألا إنَّ القوَّة الرمي}(صحيح مسلم) {ألا إنَّ الله سيفتح لكم الأرض وستكفون المؤنة فلا يعجزن أحدكم أن يلهو بأسهمه}(صحيح الترمذي) {كلُّ ما يلهو به الرجل المسلم باطل إلاّ رميةً بقوسه وتأديبه فرسه وملاعبته أهله}(صحّحه الترمذي والألباني) {عليكم بالرمي فإنَّه من خير لعبكم}(صحيح الجامع) {من علِم الرمي ثمَّ تركه فليس منا أو قد عصى}(صحيح مسلم) {من ترك الرمي بعد ما علمه رغبةً عنه فإنَّها نعمةٌ كفَرها}(صحيح الجامع).
            الغزو
            قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {مَن مات ولم يغزُ ولم يحدِّث به نفسه مات على شعبةٍ من نفاق}(صحيح مسلم) وقال: {مَن لم يغزُ أو يجهِّز غازيًا أو يخلف غازيًا في أهله بخيرٍ أصابه الله سبحانه بقارعةٍ قبل يوم القيامة}(صحيح ابن ماجه) وقال صلى الله عليه وسلم: {مَن جهّز غازيًا في سبيل الله فقد غزا ومن خلَف غازيًا في سبيل الله في أهله بخيرٍ فقد غزا}(متفق عليه) وقال: {مَن فطَّر صائمًا أو جهَّز غازيًا فله مثل أجره}(صحيح الجامع).

            أسباب النصر

            هي التقوى والتوكُّل على الله تعالى وحده حقّ التوكّل والصبر والمصابرة والثبات والمثابرة وذِكر الله كثيرا } يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتَّقوا الله لعلَّكم تفلحون {(200 آل عمران) } إنَّ الله مع الذين اتَّقوا والذين هم محسنون {(128 النحل) } الذين يخشون ربَّهم بالغيب وهم من الساعة مشفِقون {(49 الأنبياء) } ومن يتَّق الله يجعل له مخرجا، ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكّل على الله فهو حسبه إنَّ الله بالِغ أمره قد جَعَل الله لكلِّ شيءٍ قَدرا {(الطلاق) } ومن يتَّق الله يجعل له من أمره يسرا {(4 الطلاق)، } يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئةً فاثبتوا واذكروا الله كثيرًا لعلَّكم تفلحون {(45 الأنفال) } ذلكم وأنَّ الله موهن كيد الكافرين {(18 الأنفال) } وإن تصبروا وتتَّقوا لا يضرّكم كيدهم شيئًا إنَّ الله بما يعملون محيط {(120 آل عمران) } وإن تصبروا وتتَّقوا فإنَّ ذلك من عزم الأمور {(186 آل عمران)، وينصر الله تعالى المؤمنين بالرعب في قلوب أعدائهم إذ قال سبحانه وتعالى: } سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب {(12 الأنفال) وبالأمن في القلوب المؤمنة } إذ يغشّيكم النعاس أمَنَةً مِنه {(11 الأنفال) وبالملائكة } بلى إن تصبروا وتتّقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلافٍ من الملائكة مسوّمين {(125 آل عمران) وهذا لكلّ من قاتل في سبيل الله تعالى فثبَت وصبَر واتَّقى الله سبحانه وتعالى } ولَينصرنَّ اللهُ من ينصره إنَّ الله لَقويٌّ عزيز {(40 الحجّ) } وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون {(6 الروم) } إنَّ الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدُّوا عن سبيل الله فسينفقونها ثمَّ تكون عليهم حسرة ثمَّ يُغلَبون {(36 الأنفال) } سنَّة الله التي قد خلَت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا {(23 الفتح).


            المؤمن القويّ
            {المؤمن القويّ خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف}(صحيح مسلم)

            والمؤمن القويّ؛ بقوَّة إيمانه وحسن ظنِّه وثقته بالله سبحانه وتعالى

            والمؤمن القويّ؛ بقوَّة توكُّلِه واعتماده على الله تعالى واستعانته به

            والمؤمن القويّ؛ بقوَّة تعظيمه لله Y والخوف منه وتقواه

            والمؤمن القويّ؛ بقوَّة خضوعه وذلِّه لله U وفقره إليه

            والمؤمن القويّ؛ بقوَّة استسلامه لله ولأمر الله I

            والمؤمن القويّ؛ بتفرُّغه لعبادة ربِّه وطلب رضاه وجَنَّته

            والمؤمن القويّ؛ بشدَّة حبِّه لله تعالى وذِكْره وشُكْره

            والمؤمن القويّ؛ بعِلْم الشرع وعمله به وتعليمه غيره

            والمؤمن القويّ؛ بحزمه وصلابته في الحقِّ مع الرفق

            والمؤمن القويّ؛ بكثرة نفعه للناس وحبِّه للمؤمنين

            وبغضه وعداوته للشيطان والكافرين

            وبزهده في الدنيا وفيما عند الناس

            وبحرصه على الأفضل والأنفع له في الدنيا والآخرة

            وبسموِّ غاياته وهمومه إلى جنَّات النعيم الأبديّ...
            العقل والعقلاء

            اعمل لله وحده

            {واعدد نفسك في الموتَى}

            فأعقل الناس

            {أكثرهم للموت ذكرًا

            وأحسنهم لما بعده استعدادًا}

            فامتنِع عن كلّ مجهودٍ أو كلامٍ لا ينفعك

            وامتنع عن التظاهر والتصنّع والتكلّف

            وامتنع عن طلب الظهور والاستحسان

            فلَيس المهمّ أن يذكر الناس فضلك

            بل المهمّ أن تكون رابحًا عند الله U

            وعلامة صحَّة العقل

            اختيار الأمور بإدراك عواقبها

            والعزم على ذلك

            ووضعها مواضعها

            والبدأ بأوجبها

            ودفع مضارّها

            ثمَّ تقديم أفاضلها

            والحزم في ذلك

            وطلَب العِلْم لذلك

            ومحاسبة النفس وإرغامها على ذلك

            وردّ معاذيرها وشبهاتها

            ولا ينفع العقل بلا ورع

            {وملاك الدِّين الورع}

            والعِلم هو نور العقل

            ومن العِلم أن تعلَم أنَّك جاهلٌ بما لا تعلَم

            فعدم العِلم ليس عِلمًا بالعدم

            ولا ينفع العِلم بلا عقلٍ وعمل

            ولا قوَّة الذكاء والفِكْر بغير توجيه العقل

            ولا قوَّة الجسم بغير قوَّة القلب وحزم العقل

            ولا الجمال بغير حلاوة الأدب ورجاحة العقل

            فالعقل هو جوهر الإنسانية وموطنه القلب

            وبدونه يصبح الإنسان أضلّ من البهيمة

            والإسراف في الطعام كمًّا ونوعًا

            هو قوَّةٌ للشيطان والهوَى

            ويُضعف العقل والتقوَى

            والله يحبّ المتقين

            ولا يحبّ المسرفين

            ولا الفاسقين

            {ما ملأ آدميٌّ وعاءً شرًّا من بطنه}

            ولا ينفع العقل بلا صبرٍ ومصابرة

            فالصبر هو أساس كلّ نجاح في الدنيا والآخرة

            وهو مفتاح السعادة والنصر


            الوهن والهمومأيُّهما يغلب الآخر في قلبك؟

            الدنيا أم الآخرة؟

            حبّ الدنيا أم حبّ الآخرة؟

            هموم الدنيا أم هموم الآخرة؟

            الحرص على الدنيا أم على الآخرة؟

            التفكير في الدنيا أم التفكير في الآخرة؟

            الندم على فوات دنيا أم على تفويت مصالح الآخرة؟



            وكم من الوقت تشغله فيما لا ينفعك من الأقوال والأفعال واللهو واللعب والسفه، فكلّما زاد همّ الآخرة في قلب المؤمن زاد تفكيره فيها وزاد حِرصه على شغل وقته في مصالحها، وزاد سموّه عن التفاهات والسفاهات والسخافات والسفالات.

            وغلبة الدنيا على الآخرة هي الوهن في القلب، وصاحبه من الغثاء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {يوشك أن تداعَى عليكم الأمم من كلّ أفق كما تداعَى الأكلة إلى قصعتها} قيل: يا رسول الله، فمِن قِلَّةٍ يومئذ؟ قال: {لا، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، يُجعل الوهن في قلوبكم ويُنزع الرعب من قلوب عدوّكم لحبّكم الدنيا وكراهيتكم الموت}(صحيح الجامع) } قُلْ إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموالٌ اقترفتموها وتجارةٌ تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحبَّ إليكم من الله ورسوله وجهادٍ في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين {(24 التوبة) ماداموا مصرِّين على فسقهم أو راضين بحالهم غير مُبَالِين بمرضاة ربّهم U، راجع موضوع (احفظ الله يحفظك) واحذر الوهن والفسوق.

            ويزول الغثاء بصلاحه، أو هلاكه في الحروب والخسوف وغيرها، قال النبي صلى الله عليه وسلم: {يكون في آخر هذه الأمّة خسفٌ ومسخٌ وقذف} قيل: يا رسول الله؛ أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: {نعم إذا ظهر الخبث}(صحيح الجامع) وقال: {في هذه الأمّة خسفٌ ومسخٌ وقذفٌ إذا ظهرت القيان والمعازف وشُرِبت الخمور}(صحيح الجامع) وقال: {لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبلٍ من ذهب يقتتل الناس عليه فيقتل من كلّ مائة تسعة وتسعون}(صحيح مسلم).

            وغلبة الآخرة على الدنيا ليست هي المقصد المطلوب، بل المطلوب هو ألاّ يكون في قلبك غير الآخرة؛ بأن يكون همّك وغايتك الآخرة وحدها، قال النبي صلى الله عليه وسلم: {مَن كانت الدنيا هَمّه فَرَّقَ الله عليه أمره وجَعَلَ فقره بين عينيه ولم يأتِه من الدنيا إلاَّ ما كُتِب له، ومَن كانت الآخرة نيَّته جَمَعَ الله له أمره وجَعَلَ غِنَاه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة}(صحيح ابن ماجه وابن حبان) وقال: {مَن جَعَلَ الهمُوم هَمًّا واحدًا همّ المعاد كفاه الله سائر الهمُوم، ومَن تشعَّبت به الهمُوم من أحوال الدنيا لم يُبالِ الله في أيّ أوديتها هَلَك}(صحيح الجامع).

            يتبع لاحقا........

            تعليق


            • #7
              الوهن والهموم أيُّهما يغلب الآخر في قلبك؟



              الدنيا أم الآخرة؟

              حبّ الدنيا أم حبّ الآخرة؟

              هموم الدنيا أم هموم الآخرة؟

              الحرص على الدنيا أم على الآخرة؟

              التفكير في الدنيا أم التفكير في الآخرة؟

              الندم على فوات دنيا أم على تفويت مصالح الآخرة؟


              وكم من الوقت تشغله فيما لا ينفعك من الأقوال والأفعال واللهو واللعب والسفه، فكلّما زاد همّ الآخرة في قلب المؤمن زاد تفكيره فيها وزاد حِرصه على شغل وقته في مصالحها، وزاد سموّه عن التفاهات والسفاهات والسخافات والسفالات.

              وغلبة الدنيا على الآخرة هي الوهن في القلب، وصاحبه من الغثاء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {يوشك أن تداعَى عليكم الأمم من كلّ أفق كما تداعَى الأكلة إلى قصعتها} قيل: يا رسول الله، فمِن قِلَّةٍ يومئذ؟ قال: {لا، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، يُجعل الوهن في قلوبكم ويُنزع الرعب من قلوب عدوّكم لحبّكم الدنيا وكراهيتكم الموت}(صحيح الجامع) } قُلْ إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموالٌ اقترفتموها وتجارةٌ تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحبَّ إليكم من الله ورسوله وجهادٍ في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين {(24 التوبة) ماداموا مصرِّين على فسقهم أو راضين بحالهم غير مُبَالِين بمرضاة ربّهم U، راجع موضوع (احفظ الله يحفظك) واحذر الوهن والفسوق.

              ويزول الغثاء بصلاحه، أو هلاكه في الحروب والخسوف وغيرها، قال النبي صلى الله عليه وسلم: {يكون في آخر هذه الأمّة خسفٌ ومسخٌ وقذف} قيل: يا رسول الله؛ أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: {نعم إذا ظهر الخبث}(صحيح الجامع) وقال: {في هذه الأمّة خسفٌ ومسخٌ وقذفٌ إذا ظهرت القيان والمعازف وشُرِبت الخمور}(صحيح الجامع) وقال: {لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبلٍ من ذهب يقتتل الناس عليه فيقتل من كلّ مائة تسعة وتسعون}(صحيح مسلم).

              وغلبة الآخرة على الدنيا ليست هي المقصد المطلوب، بل المطلوب هو ألاّ يكون في قلبك غير الآخرة؛ بأن يكون همّك وغايتك الآخرة وحدها، قال النبي صلى الله عليه وسلم: {مَن كانت الدنيا هَمّه فَرَّقَ الله عليه أمره وجَعَلَ فقره بين عينيه ولم يأتِه من الدنيا إلاَّ ما كُتِب له، ومَن كانت الآخرة نيَّته جَمَعَ الله له أمره وجَعَلَ غِنَاه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة}(صحيح ابن ماجه وابن حبان) وقال: {مَن جَعَلَ الهمُوم هَمًّا واحدًا همّ المعاد كفاه الله سائر الهمُوم، ومَن تشعَّبت به الهمُوم من أحوال الدنيا لم يُبالِ الله في أيّ أوديتها هَلَك}(صحيح الجامع).
              ....


              تعليق


              • #8

                تعليق


                • #9
                  بااااااااااااااااارك الله فيك

                  تعليق

                  يعمل...
                  X