الاستخدام الآمن للخلايا الجذعية يفتح أفقا جديدا من العلاج

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الاستخدام الآمن للخلايا الجذعية يفتح أفقا جديدا من العلاج

    يأمل العلماء ومن ورائهم المرضى أن توفر الخلايا الجذعية البالغة علاجات ناجعة للأمراض، عبر الاستفادة من قدرة هذه الخلايا غير المتخصصة على التطور إلى أنواع عدة من الأنسجة التي أنهكها المرض أو أهلكها، ودون إثارة مشكلات أخلاقية.

    وقد أجرى العلماء العديد من البحوث لفتح الأبواب مستقبلا لعلاجات جديدة من الخلايا الجذعية، ومؤخرا قال باحثون إنهم عثروا على طريقة أكثر أمنا لتحويل خلايا الجلد العادية إلى خلايا جذعية قوية في خطوة قد تخلص في النهاية من الحاجة إلى استخدام الأجنة البشرية.

    وتعد هذه هي المرة الأولى التي حول فيها العلماء خلايا الجلد إلى خلايا منشأ مستحثة وافرة الجهد والتي تبدو وتعمل مثل الخلايا المنشأ الجنينية دون استخدام فيروسات في العملية. كما تتيح الطريقة الجديدة ازالة الجينات المدخلة لاحداث اعادة برمجة للخلية فيما بعد.

    وتعتبر الخلايا الجذعية أو خلايا المنشأ Stem cells هي الخلايا المسيطرة على الجسم حيث تنتج كل أنسجة وأعضاء الجسم. والخلايا الجذعية الجنينية هي أقوى الأنواع لأن لديها القدرة على إعطاء دفعة لأي نوع من الأنسجة. ولكن العديد من الأشخاص يعترضون على استخدامها مما يجعل الخلايا الجذعية المستحثة وافرة الجهد بديلا جذابا شريطة ان تكون آمنة.

    وعرف الباحثون لبعض الوقت أن خلايا الجلد العادية يمكن تحويلها إلى خلايا جذعية مستحثة وافرة الجهد باستخدام مقدار ضئيل من الجينات. ولكن لتحويل هذه الجينات إلى خلايا عليهم استخدام الفيروسات التي تدمج مادتها الجينية الخاصة في الخلايا التي تصيبها. ويمكن ان يتسبب هذا في الاصابة بالسرطان.

    والطريق البديل الذي وصفه فريقان من الباحثين من بريطانيا وكندا في النسخة الالكترونية من دورية الطبيعة "ناتشر" يبدو لتجنب خطورة مثل هذه الأشياء غير العادية.

    ويأمل الأطباء في استخدام الخلايا الجذعية في يوم من الأيام لعلاج أمراض مثل الشلل الرعاش والسكري والسرطان واصابات العمود الفقري.

    والخلايا الجذعية هي خلايا غير مكتملة الانقسام، قادرة تحت ظروف مناسبة على تكوين خلية بالغة من أي عضو من أعضاء الجسم، وبالتالي يمكن اعتبارها نظام "إصلاح وتجديد" للجسم. وهي نوعان: خلايا جذعية جنينية تستخرج من الأجنة نفسها، وخلايا جذعية بالغة تستخرج من مختلف خلايا الجسم مثل النخاع العظمي والرئة والقلب والعضلات وغيرها.

    لكن لانتشار الاعتقاد بأن الخلايا الجذعية الجنينية تتضاعف بشكل أفضل من الخلايا البالغة، آثر العلماء استخدامها في أبحاثهم رغم كونها تثير إشكاليات أخلاقية في العلاج، لأنها تتضمن تدمير الأجنة المستخدمة.

    إلا أن العلماء بثوا الأمل في أن تتربع الخلايا البالغة على عرش العلاجات بعدد من الاكتشافات التي توالت في الفترة الأخيرة، وتوجت بإعلان إنشاء مستشفى ضخم للعلاج بالخلايا الجذعية البالغة فقط.

    الخلايا "البالغة" تنافس "الجنينية"
    ففي بحث فريد قد يحدث تغييرا جذريا في النظر إلى الخلايا الجذعية البالغة، اكتشف علماء بمستشفى الأطفال ببيتسبرغ بالولايات المتحدة أن للخلايا الجذعية البالغة قدرة على التضاعف تماثل قدرة الخلايا الجذعية الجنينية، وهو ما يختلف عن الاعتقاد الشائع قبل ذلك بأن الخلايا البالغة تشيخ وتموت بشكل أسرع من نظيراتها الجنينية.

    ولكن، وبحسب دراسة وردت في عدد شهر يوليو 2005 من مجلة "البيولوجيا الجزيئية للخلية" فإن ثمة أدلة على أن شكوك العلماء حول قدرة الخلايا الجنينية البالغة لا مبرر لها.

    في هذه الدراسة استطاع د. جونى هيوارد، مدير معمل النمو والتطور في مستشفى الأطفال ببيتسبرج، وفريقه أن يضاعفوا خلايا جذعية بالغة لعدد من الخلايا يضاهي العدد الذي يصل إليه الباحثون باستخدام الخلايا الجنينية.

    وتقول د. بريدجيت ديزي الباحثة في معمل د. هيوارد إنها اكتشفت أن خلايا جذعية عضلية استطاعت أن تتضاعف لأكثر من مائتي ضعف، وهو الرقم الذي وصلت إليه الدراسات السابقة التي أجريت على الخلايا الجذعية الجنينية. أما الخطوة التالية، والتي لا تقل أهمية، فتتمثل في التأكد من قدرة الخلايا الجذعية البالغة على التضاعف بكميات كافية لإنتاج علاجات معتمدة على هذه الخلايا.

    وإضافة إلى كون هذا المنحى لا يؤدي إلى إشكاليات أخلاقية حول استخدام الخلايا الجذعية علاجيا، فإنه يمثل أيضا حلا لمشكلة رفض جهاز المناعة للخلايا الجنينية الغريبة، حيث يمكن استخراج الخلايا الجذعية البالغة من المريض نفسه.
    أمل جديد في علاج يافع.

    هذا الاكتشاف مبشر، وهناك اكتشافات أخرى تدعونا لمزيد من التفاؤل، إذ توصل باحثون من معهد وايتهيد في الولايات المتحدة، بقيادة الدكتور رودلف جاينش، لطريقة جديدة لمضاعفة الخلايا الجذعية البالغة بسرعة كبيرة وكفاءة عالية.

    وارتكز بحث معهد وايتهيد على جين يسمى Oct4، وهو جزيء يكون نشطا في المراحل الجنينية المبكرة للإنسان، وظيفته تتركز في المساعدة على مضاعفة الخلايا ونموها، مع ضمان الإبقاء على الجنين في حالة عدم النضج، أي إبطاء معدل تخصص الخلايا، وهو بذلك يعتبر حارسا للخلايا يمنعها من أن تتحول إلى أنسجة بعينها. وطوال فترة عمل الـOct4 تبقى كل خلايا الجنين متطابقة، وعندما يتوقف عن العمل تبدأ الخلايا في النمو لتكوين خلايا القلب والكبد وغيرها.

    ولاختبار أثر الـOct4 على الخلايا الجذعية البالغة التي ظلت كامنة لفترة طويلة، نشّط الباحثون الجين المذكور في فئران تجارب، حيث أدى ذلك إلى تكون أورام بالفئران في الأمعاء وفى الجلد صاحبت إعادة تنشيط الجين، وعندما تم تعطيله تضاءلت الأورام مرة أخرى لتوضح أن العملية قابلة للعكس.

    لم يكن متوقعا أن يؤدي تشغيل أو تعطيل جين واحد إلى هذا الأثر على الأورام. الأكثر من ذلك هو أن الـOct4 يسبب الأورام بمنعه الخلايا الجذعية في هذه الأنسجة من التخصص، أي أنه في حال تنشيط الـOct4 تستطيع الخلايا الجذعية أن تتضاعف، وبذلك يكون الباحثون قد تغلبوا على أحد العوائق التقليدية أمام مضاعفة أعداد الخلايا الجذعية، حيث إنه بمجرد عزل الخلايا الجذعية من الجسم تنمو لتكون أنسجة متخصصة.

    حصد الخلايا الجذعية
    فإذا كان بالإمكان إذن توفير الكميات التي نحتاجها من الخلايا الجذعية البالغة، لم يبق للعلماء سوى استخراجها من جسم الإنسان، وهذا ما ركز عليه باحثون من المركز الطبي لمستشفى أطفال سينسيناتي وجامعة سينسيناتي بأوهايو بالولايات المتحدة في دراسة نجحت في التوصل إلى تصميم تركيبة كيميائية لإسراع وتسهيل عملية حصد الخلايا الجذعية.

    فقد جاء في التقرير الذي نشرته الجامعة أن الفريق قام بدراسة كيفية توجيه الخلايا الجذعية إلى مجرى الدم -حيث تكون عملية الاستخلاص أسهل بكثير- للقيام بزراعتها لدى المرضى.

    واكتشف فريق البحث -الذي قاده د. خوزيه كانسيلاس مدير الأبحاث بمركز دم هوكسورث بالجامعة ود. دافيد- أن مجموعة من البروتينات تعرف باسم RAC GTPase تلعب دورا محوريا في تحديد مكان وحركة الخلايا الجذعية في النخاع العظمي. وقد قام الباحثون بتوجيه الخلايا من النخاع العظمي لمجرى الدم عن طريق تثبيط نشاط بروتين الـRAC GTPase بعقار من تطوير أحد باحثي سينسيناتي.

    ثم كانت الدفعة الكبيرة في اتجاه إيجاد حل "أخلاقي" لمعضلة العلاج بالخلايا الجذعية عندما أعلنت شركة هيستوستم الطبية بكوريا الجنوبية أنها تخطط لفتح أول مستشفى في العالم يعتمد في علاجها على الخلايا الجذعية المستخلصة من دماء الحبل السري، وأنها بصدد إبرام اتفاق مع شركة استثمارية أوروبية لإنشاء المستشفى في الجزيرة الجنوبية لكوريا الجنوبية "جيجو"، وذلك في النصف الأول من عام 2007، وبتكلفة تصل إلى حوالي 80 مليون دولار.

    استخدم هان هون -وهو الطبيب الذي يرأس هيستوستم- الخلايا الجذعية المستخلصة من دماء الحبل السري في علاج مرضى يعانون من أمراض مستعصية من تلك التي لم تستجب لأي علاجات متاحة، وخلال عامين قام هو وفريقه بمداواة أكثر من 250 حالة باستخدام تلك الخلايا لأمراض مثل الفشل الكلوي المزمن والسكري وإصابات العمود الفقري والتليف الكبدي وغيرها.

    واختلفت نتائج العلاج بحسب حالة المريض ونوع المرض، ولكن في أغلب الأحيان أدى العلاج إلى تحسن حالة المريض أو شفائه تماما.

    ونال هان وفريقه شهرة عالمية حين عقدوا في نوفمبر الماضي مؤتمرا صحفيا عرضوا فيه التحسن الكبير الذي حدث للمريضة "هوانج مي سون" التي لم تستطع الحراك منذ أصيب عمودها الفقري إثر حادث وقع لها منذ عشرين عاما، لتظهر في المؤتمر وهي تخطو بضع خطوات، لتكون أول حالة إصابة في العمود الفقري في العالم تعالج بنجاح عن طريق الخلايا الجذعية المستخلصة من الحبل السري.

    ولكنها لم تكن الأخيرة، حيث تسابق المرضى من مختلف دول العالم على هان وفريقه أملا في وجود علاجات ناجعة لأمراضهم المستعصية، والتي لم تقتصر على إصابات العمود الفقري فحسب، بل شملت الكثير من الحالات الأخرى.

    على مرمى اليد منا إذن أفق جديد من العلاج يعتمد على الخلايا الجذعية البالغة، ويصحبه أفول محتمل للعلاج التقليدي بالأدوية، خاصة للأمراض التي لم تُجدِ معها الأدوية نفعا، وتخفت معه كذلك الخلافات المحتدة حول الاستخدامات العلاجية للخلايا الجذعية الجنينية

  • #2
    بارك الله فيك يادكتور

    تعليق


    • #3
      شكرا لمرورك الغالى

      تعليق


      • #4
        الف شكر لمجهودك الغالى ومواضيعك القيمة

        تعليق

        يعمل...
        X