إذا لم تستح فاصنع ما شئت

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • إذا لم تستح فاصنع ما شئت

    عن أبي مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى، إذا لم تستح فاصنع ما شئت أخرجه البخاري.


    في حديث أبي مسعود عندكم، نعم. عقبة بن عمرو رضي الله عنه إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى الحقيقة كلمة "الأولى" أنا أعرفها في صحيح البخاري منذ زمن بعيد لكن فيها ذكر البخاري -رحمه الله- في موضع وفي موضع آخر ما ذكرها، والحافظ -رحمه الله- قد قرأت كلامه مرارا كثيرة، يقول: زاد أحمد وأبو داود الأولى، في الموضع الأول، في الموضع الثاني: ذكرها البخاري، وينظر هذه الزيادة هل هي موجودة في نفس البخاري، في الموضع الثاني: والحافظ -رحمه الله- يقول: زاد أحمد وأبو داود كأنها ليست عند البخاري، ومحتمل أنه كما قال، ومحتمل أنه نسي موضعها في المكان الثاني، لكن ينبغي أن ينظر قبل، وبعض من صنف أيضا كذلك حتى في الأربعين الظاهر ذكروها الأولى، وهي موجودة عند أحمد وعند أبي داود بإسناد صحيح كلمة الأولى، لكن ينبغي أن ينظر ذكرها عند البخاري في الموضع الثاني.

    يعني هل هو يعني تكون دخلت مثلا في الطبع أو ما أشبه ذلك، أنا ما أدري عن هذا لكن المصنف -رحمه الله- هنا عزاها وعزاها إلى البخاري -رحمه الله-، ولم يقل وهذا لفظ أحمد وأبي داود وبالجملة المعنى صحيح ولهذا ثبت من حديث حذيفة -رضي الله عنه- من عند أحمد وهو حديث صحيح: إن آخر ما تعلق الناس به في الجاهلية من كلام النبوة إذا لم تستح فاصنع ما تشاء وقوله النبوة: النبوة، المراد به أنه أمر اجتمع عليه الأنباء واتفقت عليه الشرائع والرسل ولم ينسخ، ولم ينسخه المتأخر ذاك من شريعة المتقدم، بل بقي متوارثا مأخوذا عن الرسل باقي وهو هذه العبارة: " إذا لم تستح فاصنع ما تشاء" وأنه مما اتفقت عليه الشرائع هذا أمر.

    أيضا قوله الأولى يعني: قبل النبي -عليه الصلاة والسلام- يعني كان معروفا قبل نبينا -عليه الصلاة والسلام- ثم جاءت شريعتنا مؤكدة لهذا الخلق العظيم دالة عليه، وقوله: " إذا لم تستح فاصنع ما تشاء" وإشارة إلى ما تقدم أيضا في الحياء، واختلف العلماء اختلافا كثيرا هل هو من باب الأمر أو من باب الخبر، وخرج مخرج الأمر، إذا لم تستح فاصنع، هل هذا هو أمر على ظاهره، ويكون "اصنع" من باب التهديد، ولهذا في قوله تعالى: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ يعني: من باب التهديد يكون الأمر تهديد مثل إنسان يقول ينهى إنسان فلا يراه يزد يقول: اعمل ما تشاء، اعمل ما تشاء يعني مآلك إلى العقوبة، فهو أمر تهديد؛ لأن الأمر قد يكون أمر تكليف، قد يكون أمر تهديد، قد يكون أمر تكوين: كن كذا، كن كذا في أوامره - سبحانه وتعالى- فالأوامر كثيرة، فهذا قيل إنه أمر تهديد، وقيل: إنه خبر بمعنى الخبر، وعلى هذا هل هو مدح أو ذم إذا كان خبرا، فقيل: إنه مدح، معناه إذا لم تستح فاصنع ما تشاء إذا كان الأمر الذي تريد أن تصنعه الذي تريد أن تصنعه مما لا يستحيا منه؛ لأنه مباح أو مشروع، مباح فلا عليك أن تعمله، مشروع يشرع لك أن تعمله، إن كان واجبا؛ فواجب، وإن كان مستحبا فمستحب، فاصنع ما تشاء، أو أنه خبر على سبيل الذم أن من لا يستحيي فإنه لا يبالي وليقدم على ما يشاء، وهذا جاء في بعض الأخبار، هذا المعنى من جهة أنه لا يبالي ولا يستحيي مثل الفاجر الذي يقدم على كل شيء والمعاني صحيحة، لكن يظهر والله أعلم أنه لا يظهر أن مساقه مساق المدح؛ يعني في: "إذا لم تستحي فاصنع ما تشاء"

    لأن الأصل أن الحياء مأمور به، وكأن المصنف -رحمه الله- هنا ساقه دل على أن الأمر: أمر يستحيا منه فيجتنب، وأمر لا يستحيا منه فيعمل، إذا قيل على هذا القول وأنه خبرٌ بمعنى المدح، والأظهر والله أعلم إنما هو أمر تهديد أو خبر بمعنى الذم، بمعنى أن الذي لا يستحيي لا يبالي؛ لأنه نزع منه الحياء، فلا تراه إلا مذمما، ولا تراه إلا لئيم الخلق، فيقدم على كل أمر سيئ بلا مبالاة
يعمل...
X