نور على نور

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • نور على نور

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    النور أحبتي هو شرع الله تعالى الذي يضيء لنا حياتنا و يرشدنا إلى الخير والصلاح والسعادة
    قال تعالى : (( الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ))
    فشرع الله تعالى وهديه يخرجنا من ظلمات الجهل إلى أنوار المعرفة والعلم ، من ظلام الشهوات إلى نور الطاعة والقربات
    قال تعالى في سورة النور :
    ((اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴿٣٥﴾

    إنها آية النور 000 نور الله تعالى الذي يهدينا في ظلمات البر والبحر ، النور الذي يمنحنا الأمل والحياة والنجاة
    ولو تعمقنا معاً داخل سورة النور وهي السورة الثانية في هذا الجزء الثامن عشر بعد سورة المؤمنون
    لوجدنا أنها نور على نور ، تشريع رباني متكامل ينير المجتمع ويبعده عن وحول الشهوات والفتن
    تبدأ السورة بمشهد مرعب مؤلم مؤسف وهو عقوبة الزنا وأمام الجميع 000
    ((الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴿٢﴾))
    نعم أخي الحبيب لا رأفة في شرع الله للظالمين والمذنبين والزناة لكن مهلاً 0000 ما الذي يوصل إلى تلك النتيجة المرعبة ؟؟؟؟
    إنه عدم الالتزام بأدبيات شرع الله 000 أدبيات الإسلام والتي تفصلها السورة في كل آياتها الأخرى تقريباً
    تنير السورة لنا الطريق كي لا نصل إلى تلك المأساة التي نجدها في أولها وتضع لنا أساليب الوقاية قبل الإصابة بالمرض والوقاية خير من العلاج كما يقال
    فما هي الوسائل التي تنير دربنا وتمنعنا من السقوط في سراديب الرذيلة والفحشاء
    تنتقل السورة بعد ذلك لتؤكد أن تلك العقوبة المرعبة لا تتم إلا بشروط صعبة ودقيقة وأهمها وجود أربعة شهداء أو شهود على تلك الجريمة الشنيعة
    (( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴿٤﴾النور
    ومن لم يأت بالشهداء فله عقوبة مخيفة وقوية ورادعة ثمانين جلدة و عدم قبول شهادتهم في أي شيء بعد ذلك وبهذا يحمي شرع الله تعالى المرأة من قذف الكاذبين وافتراءات المجرمين وكذلك الرجل وهذا إن دل فلا يدل إلا على رحمة واسعة من الله عز وجل فالستر أولى في ديننا ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
    أما في حالة أن يرى الزوج زوجته بأم عينه ترتكب الفاحشة مع رجل ما فهنا تصير شهادته وحده بأربع شهادات لكن بشرط عدم الكذب والافتراء ومن الطرفين
    (( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ﴿٦﴾ وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ﴿٧﴾ وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ ﴿٨﴾ وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴿٩﴾

    ثم تأتي قصة الإفك التي تعرفونها وهي تلك التهمة الباطلة البشعة التي افتراها المنافقون على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ولا داعي لذكر تفاصيل تلك الحكاية الآن ويكفي أن نعرف أن براءة أمنا وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها كانت من عند الله تعالى وبقرآن منزل وهنا نزلت آيات الإفك لتحذر المؤمنين من الافتراء وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات لتكون من السبع الموبقات والعياذ بالله
    (( إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴿٢٣﴾
    وبعد قصة الإفك نأتي إلى معنى آخر مهم وهو محاربة من يشيعون ويروجون للفاحشة بين المؤمنين وذلك بغرض حماية وصون المجتمع الإسلامي من المفسدين وما أكثرهم اليوم ولا حول ولا قوة إلا بالله فقال تعالى :
    (( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴿١٩﴾
    ويأتي التنبيه التالي وهو الانتباه لمكائد الشيطان وخطواته 000 نظرة فابتسامة فانشغال فحب ثم شهوة ثم الوقوع في المحظور والعياذ بالله فينهانا الله تعالى عن اتباع خطوات الشيطان والحذر منها
    ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴿٢١﴾
    وخطوات الشيطان اليوم أشد خطورة بوجود الفضائيات والمواقع الإباحية والتي تثير الغرائز والشهوات وتؤدي إلى المهالك والعياذ بالله
    ثم يأتي أدب رفيع يحمي المجتمع أيضاً ألا وهو أدب الاستئذان فيقول تعالى :
    ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴿٢٧﴾فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴿٢٨﴾
    وآداب الاستئذان في الإسلام علم بحد ذاته وتحتاج لموضوع كامل وشامل وهو من وسائل الوقاية الهامة للمجتمع والناس
    ويأتي أدب آخر وأمر إلهي للرجال والنساء بغض البصر وحفظ الفرج وغض البصر موضوع مهم جداً ويحتاج لوقفة مطولة فهو خلق رفيع و دواء فعال يقي المسلم من خطوات الشيطان الرجيم والتي قد تودي به إلى الفاحشة والعياذ بالله
    (( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴿٣٠﴾
    بينما تزيد المسؤولية على المرأة لأنها مثار فتنة أكثر من الرجل بالتأكيد فيأمر الله تعالى المرأة المسلمة بالحجاب والأدب في القول والحركات
    (( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴿٣١﴾
    وبما أن الإسلام دين واقعي فهو يقدر رغبات البشر و غرائزهم ويوجهها نحو الطريق الصحيح فلكل منا شهواته و حاجاته الفطرية و الذكر ينجذب للأنثى غريزياً بالتأكيد ولهذا شرع الله تعالى الزواج لتكون تلك العلاقة بين الرجل والمرأة شرعية وسليمة
    وعندما يواجه الشباب صعوبات في القدرة على الزواج ويضيق المجتمع عليهم كما يحدث اليوم فستكثر الفواحش وهذا أمر طبيعي ولهذا يأتي أمر إلهي رائع غفل عنه الكثيرون ألا وهو تزويج الفقراء وغير القادرين على تحمل نفقات الزواج
    وتلك مهمة الأغنياء والميسورين من أبناء المجتمع بدلاً من إلقاء اللوم على الشباب دون تقديم العون لهم
    (( وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴿٣٢﴾
    وما أحوج الأمة لفهم ذلك المعنى المهم في زمن زادت فيه المهور والطلبات مما جعل الشباب يعزفون عن مجرد التفكير بالزواج
    إذاً مما سبق نجد وسائل وقاية هامة تحمي المجتمع من الوصول إلى الفاحشة والزنا والضياع فتستنير الحياة أمامنا بنور الإيمان والخلق الرفيع
    وتلك الوسائل هي كما رأينا :
    1- وجود أربعة شهداء قبل اتهام أحد بارتكاب الفاحشة فالستر أولى
    2- تحريم القذف والبهتان والإفك
    3- محاربة مشيعي الفتن والفواحش بين المسلمين
    4- التحذير من خطوات الشيطان
    5- آداب الاستئذان والحركة في البيوت
    6- غض البصر وحفظ الفرج للرجل والمرأة و الحجاب والحشمة للمرأة
    7- تزويج الشباب والفقراء في المجتمع

    وبعد كل تلك الوسائل الواقية تأتي العقوبة لمن يخالف شرع الله

    إخوتي الأفاضل شرع الله نور ينير حياتنا و يحمينا ويهدينا فدعونا نلتزم به ونفهم أنه لا يهدف إلا لحمايتنا ولكل الخير لنا

    (( قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴿٥٤﴾
    و إن تطيعوه تهتدوا وأخيراً أختم بتلك الآية الرائعة الجميلة التي تعاكس ما ابتدأنا به فمن لم يتبع شرع الله ونوره فليس له نور بل ظلمات بعضها فوق بعض تعميه وتضله ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور

    (( أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ ﴿٤٠﴾ منقول أخيكم العبدلله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يعمل...
X