ما كان الله ليضيع إيمانكم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ما كان الله ليضيع إيمانكم

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين. أيها الإخوة الكرام: يقول الله عز وجل:

    ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ﴾

    [ سورة البقرة: الآية 143]
    ما معنى الآية ؟
    أولاً ما كان الله ليضيع هذا أبلغ نفي في اللغة العربية، هذا نفي الشأن أي بالتعبير الدارج مستحيل و ألف ألف مستحيل أن تفعل شيئاً يقتضيه إيمانك و لا تنال عليه مكافأة كبيرة.
    أحياناً إيمانك يمنعك أن تأكل مالاً حراماً فيبقى دخلك محدوداً، بينما الذي لا يهتم للحلال و الحرام يأتيه دخل فلكي، أنت ماذا فعلت بإيمانك ؟ ضيعت دخلاً كبيراً لأنك مؤمن، هناك أشخاص لا يتقيدون بشيء، يستمتعون، يأكلون ما يشتهون، يلتقون مع من يحبون، لا يوجد عندهم رادع و لا قيمة و لا مبدأ و لا شيء، هؤلاء يبدو أنهم مستمتعون بالحياة، هم يعيشون كما يحبون، المؤمن مقيد، هذه حلال، هذه فيها شبهة، هذه لا تجوز، هذا الدخل مشبوه، العمل مع فلان فيه تعامل ربوي.
    مستحيل إخوانا الكرام مؤمن لا يدفع ثمن إيمانه خسارة في الدنيا، من أحب آخرته أضر بدنياه، و من أضر بدنياه أحب آخرته، أي يوجد ثمن، فالشخص لا يتوهم أبداً أنه ممكن أن أستمتع بالدنيا كما يستمتع عامة الناس و أصل إلى الجنة في أعلى مرتبة، لا، الجنة لها ثمن، و لابد من أن تدفع الثمن، فهذا الذي تدفعه أيها الأخ الكريم اعتقد اعتقاداً جازماً أنه مستحيل و ألف ألف مستحيل أن تخسر، مستحيل أن تطيعه و تخسر و أن تعصيه و تربح.
    العبرة الإيمان و قالوا:

    ﴿وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا﴾

    [ سورة القصص: الآية 57]
    معظم الناس الدين يخافون منه، متعب، ثم يوضع الإنسان استفهام، إذا كان طليقاً بلا قيد و لا شرط و لا اتجاه و لا لون، لا لون له و لا طعم هكذا مع الناس، يتجنب أن يحضر درس علم يقول لك أحسن، يتجنب أن يتعلم شيئاً هو يعيش لمصلحته، هذا الذي اقتضت مصلحته أن يبتعد عن الدين مستحيل و ألف ألف مستحيل أن يعامل كمن التزم منهج الله و دفع ثمن التزامه، أيها الإخوة الكرام: العدل الإلهي يجب أن نفهمه فهماً عميقاً:

    ﴿وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا﴾

    [ سورة القصص: الآية 57]
    ماذا يقول بعضهم الآن ؟ أي إذا أنت خفت من الله و ارتعدت فرائصك خوفاً منه و لم تضع مالك في البنك يدخلون عليك و يقتلونك، ما قولك ؟ هكذا يعامل الله عباده المؤمنين ؟ يحرم شيئاً أشد التحريم و يتوعد من يفعل هذا الشيء بحرب من الله عز وجل فإذا خفت من الله دخلوا عليك و قتلوك، هكذا فهم العوام للدين مصلحتك فوق كل شيء، لكن المؤمن يرى أن طاعته لله فوق كل شيء:

    ﴿وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا﴾

    [ سورة القصص: الآية 57]

    ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ﴾

    [ سورة البقرة: الآية 143]
    أحياناً شاب يختار عملاً شريفاً، عملاً شرعياً، لكن دخله قليل، إنسان آخر يختار عملاً فيه دخل كبير جداً يستمتع بالحياة يشتري البيوت و المركبات الفارهة و ينظر إلى هذا الذي أطاع الله نظرة دونية أيرضى الله عز وجل أن يكون الذي أطاعه في درجة دنيا و أن الذي عصاه في درجة عليا ؟ يقول الله عز وجل:

    ﴿وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾

    [ سورة الأعراف: الآية 128]

    ﴿أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ﴾

    [ سورة القصص: الآية 61]
    إخوانا الكرام: نحن بحاجة إلى إيمان، الأمر كله بيد الله:

    ﴿وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ﴾

    [ سورة الزخرف: الآية 84]

    ﴿وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ﴾

    [ سورة هود: الآية 123]
    بكلمة جامعة مانعة الآمر ضامن، الله عز وجل حينما يأمرك بالطاعة يضمن لك السلامة و السعادة لكن لا ترى أحياناً السلامة على شبكية العين، ترى الأخطار محدقة بالمؤمن كما هي الحال الآن، العالم كله يحارب المسلمين، المسلم في أي مكان بالعالم متهم، متهم بالإرهاب، بالقتل، يجب أن يُقاوم، يجب أن يباد، و مع ذلك هناك من يدخل في دين الله بأعداد كبيرة، الدين الأول في العالم في نموه هو الإسلام، مع أنه محارب في شتى بقاع الأرض.
    فإنسان اعتقد اعتقاداً صواباً و التزم و قال هذه حرام معاذ الله، لا تصدق أن إنساناً لم يعبأ بالأمر و لا بالنهي و لا بالوعد و لا بالوعيد و مع ذلك هو في بحبوحة و هو أذكى و اكثر نجاحاً في الحياة من الذي خاف من الله و استقام على أمره.
    قال عليه الصلاة و السلام:
    ((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْإِيمَانُ قَيَّدَ الْفَتْكَ لَا يَفْتِكُ مُؤْمِنٌ )

    [ مسلم، أبو داود ]
    المؤمن مقيد، الإيمان قيده عن كثير من هوى نفسه، أنا أقول:

    ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآَنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾

    [ سورة التوبة: الآية 111]
    استبشر قد تكون في الطبقة الدنيا من المجتمع، و قد تكون في التعتيم الإعلامي، و لا أحد يأبه لك، لكنك عند الله كبير، لكنك عند الله ملتزم، هذه الآية دقيقة جداً:

    ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ﴾

    [ سورة البقرة: الآية 143]
    الخسائر التي نتجت عن إيمانكم سوف تكافئون عليها أضعافاً مضاعفة، صدق أيها الأخ الكريم لا يوجد إنسان يؤمن إلا و يوجد خسائر، أحد إخوانا الكرام عنده مطعم و لربع قرن كان يبيع فيه المشروبات التي لا ترضي الله عز وجل، تاب أقسم بالله الغلة نزلت للعشر و أقل، طبعاً هو يدفع ثمن إيمانه لكن الله عز وجل يعوضه أضعافاً مضاعفة، في إيمانه، و في سعادته، و في سكينته، و في حكمته، و في الأمن الذي يحس به، و في التوفيق الذي سيلقاه في المستقبل، ثم في جنته، تظن أن تفعل شيئاً بلا ثمن مستحيل، أي ما أحسن عبد من مسلم أو من كافر إلا وقع أجره على الله في الدنيا أم في الآخرة:

    ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ﴾


    [ سورة البقرة: الآية 143]
    أي إنسان ما باع دينه بعرض من الدنيا قليل، إنسان أحياناً يملك مبلغاً فلكياً و يموت متسمماً، و يأتي طبيب شرعي، لو قال الموت طبيعي يأخذ خمس و عشرين مليوناً، يكتب الموت عمل إجرامي و يبقى على راتب لا يكفيه أيام هذا هو الإيمان، لكن الله سبحانه و تعالى مستحيل و ألف ألف مستحيل ألا يكرمه في الدنيا قبل الآخرة، لكن لابد من الإيمان، الإيمان أن ترى أن الله يستحيل على كماله أن يضيع إيمانك، أنت آمنت و لأنك آمنت فوت فرصاً كبيرة جداً، لأنك آمنت اخترت زوجة من الدرجة الثانية لكنها مؤمنة، التي من الدرجة الأولى متفلتة، خفت من الله فاخترت الثانية، مستحيل إلا أن تسعد بالثانية أضعاف ما تتوهم أن تسعد بالأولى، هذه الآية أعتقد كافية كي تدفعنا جميعاً إلى مزيد من التضحية وإلى مزيد من الالتزام وإلى مزيد من التفاؤل، الآن ما يجري في العالم لا يصدق ومع ذلك المستقبل لهذا الدين، هذا الدين هو الذي سينتصر، قال تعالى:

    ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ﴾

    [ سورة الأنفال: الآية 36]

    ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾

    [ سورة آل عمران: الآية 12]
    لو عدنا إلى التاريخ قليلاً قريش بيدها الجزيرة العربية بأكملها أموال وجاهات وسيطرة وخيول وسيوف والصحابة الكرام مستضعفون فقراء في النهاية ماذا حصل ؟ هؤلاء الذين عارضوا النبي وحاربوه عشرين عاماً أين هم الآن ؟ في مزبلة التاريخ، أنت حينما تذهب إلى المدينة المنورة تقف أمام قبر النبي وتبكي ثم تقف أمام قبر الصديق وتبكي ثم تقف أمام عمر وتبكي لماذا ؟ هؤلاء كانوا ضعافاً وكانوا فقراء لكنهم نصروا الحق، البطولة أن تكون متفائلاً قال تعالى:

    ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ﴾

    [ سورة البقرة: الآية 143]
    لكن نحن بحاجة إلى إيمان قوي ولعل هذه الصلاة إن شاء الله وهذا القرآن الذي يتلى علينا لعله يشحذ هممنا ويدفعنا إلى عمل مخلص عمل هادف عمل منضبط بالشرع.
    والحمد لله رب العالمين

  • #2
    الف الف شكر ياغالى
    وكل عام وانتم بخير

    تعليق


    • #3
      بارك الله فيك

      تعليق


      • #4
        جزاك الله خير

        تعليق


        • #5
          جزاك الله خيرا على فعل الخير

          تعليق

          يعمل...
          X